الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين ( 90 ) ) قوله تعالى : ( رغبا ورهبا ) : مفعول له ، أو مصدر في موضع الحال ; أو مصدر على المعنى .

قال تعالى : ( والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين ( 91 ) ) قوله تعالى : ( والتي أحصنت ) : أي واذكر التي .

ويجوز أن يكون في موضع رفع ; أي : وفيما يتلى عليك خبر التي .

و ( فيها ) : يعود على مريم .

و ( آية ) : مفعول ثان . وفي الإفراد وجهان :

[ ص: 212 ] أحدهما : أن مريم وابنها عليهما السلام جميعا آية واحدة ; لأن العجب منهما كمل . والثاني : أن تقديره : وجعلناها آية وابنها كذلك ، فآية مفعول المعطوف عليه . وقيل : المحذوف هو الأول وآية المذكور للابن .

قال تعالى : ( إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون ( 92 ) ) .

قوله تعالى : ( أمتكم ) بالرفع : على أنه خبر إن ; وبالنصب على أنه بدل ، أو عطف بيان .

و ( أمة ) بالنصب : حال ، وبالرفع بدل من " أمتكم " ; أو خبر مبتدأ محذوف .

قال تعالى : ( وتقطعوا أمرهم بينهم كل إلينا راجعون ( 93 ) فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنا له كاتبون ( 94 ) ) قوله تعالى : ( وتقطعوا أمرهم ) : أي في أمرهم ; أي تفرقوا . وقيل : عدي تقطعوا بنفسه ; لأنه بمعنى قطعوا ; أي فرقوا . وقيل : هو تمييز ; أي تقطع أمرهم .

و ( له ) : أي للسعي . وقيل : يعود على من .

قال تعالى : ( وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون ( 95 ) حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون ( 96 ) .

قوله تعالى : ( وحرام ) : يقرأ بالألف وبكسر الحاء وسكون الراء من غير ألف ، وبفتح الحاء وكسر الراء من غير ألف . وهو في ذلك كله مرفوع بالابتداء ; وفي الخبر وجهان :

أحدهما : هو " أنهم لا يرجعون " و " لا " زائدة ; أي ممتنع رجوعهم إلى الدنيا . وقيل : ليست زائدة ; أي ممتنع عدم رجوعهم عن معصيتهم .

والجيد أن يكون " أنهم " فاعلا سد مسد الخبر .

والثاني : الخبر محذوف ، تقديره : توبتهم ، أو رجاء بعثهم ، إذا جعلت " لا " زائدة .

وقيل : " حرام " خبر مبتدأ محذوف ; أي ذلك الذي ذكرناه من العمل الصالح حرام ; وحرام وحرم لغتان مثل حلال وحل ، ومن فتح الحاء وكسر الراء كان اسم فاعل من حرم ; أي امتنع مثل فلق ، ومنه :

يقول لا غائب مالي ولا حرم [ ص: 213 ] أي ممتنع .

ويقرأ " حرم " على أنه فعل بكسر الراء وضمها . و ( أنهم ) بالفتح على أنها مصدرية ، وبالكسر على الاستئناف .

و ( حتى ) : متعلقة في المعنى بحرام ; أي يستمر الامتناع إلى هذا الوقت ، ولا عمل لها في " إذا " .

ويقرأ " من كل جدث " بالجيم والثاء ، وهو بمعنى الحدب .

و ( ينسلون ) بكسر السين وضمها لغتان ، وجواب إذا : " فإذا هي " . وقيل : جوابها : قالوا يا ويلنا وقيل : واقترب ، والواو زائدة .

قال تعالى : ( واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين ( 97 ) ) .

قوله تعالى : ( فإذا هي ) : " إذا " للمفاجأة ، وهي مكان ، والعامل فيها " شاخصة " وهي ضمير القصة .

و ( أبصار الذين ) : مبتدأ ، و " شاخصة " : خبره .

( ياويلنا ) : في موضع نصب بقالوا المقدر .

ويجوز أن يكون التقدير : يقولون ; فيكون حالا .

قال تعالى : ( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ( 98 ) ) .

قوله تعالى : ( حصب جهنم ) : يقرأ بفتح الصاد ، وهو ما توقد به ، وبسكونها ، وهو مصدر حصبتها : أوقدتها ; فيكون بمعنى المحصوب .

ويقرأ بالضاد محركة وساكنة ، وبالطاء ; وهما بمعنى .

( أنتم لها ) : يجوز أن يكون بدلا من " حصب جهنم " وأن يكون مستأنفا ، وأن يكون حالا من " جهنم " .

التالي السابق


الخدمات العلمية