الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 164 ] فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى : أعلم الله تعالى أنه المميت، والمقدر لجميع الأشياء، وروي: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ قبضة من تراب وحصى، فرمى بها، وقال: "شاهت الوجوه"، فقسمها الله تعالى على أبصارهم، حتى عم بها جميعهم)، فأعلم الله تعالى أنه الموصل ذلك إلى أعينهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وروي: أن الحصباء التي رمى بها النبي صلى الله عليه وسلم لم تقع على أحد منهم إلا قتل، وانهزم، وصارت في جسمه خضرة.

                                                                                                                                                                                                                                      وروي أيضا: أن الله تعالى أمر نبيه عليه الصلاة والسلام أن يرميهم بثلاثة أحجار، فكان النصر عند الحجر الثالث.

                                                                                                                                                                                                                                      وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا : (البلاء) ههنا: النعمة.

                                                                                                                                                                                                                                      ذلكم وأن الله موهن كيد الكافرين أي: ذلكم الأمر، وقيل: التقدير: الحق ذلكم، وأن الله موهن كيد الكافرين ؛ أي: مضعفه.

                                                                                                                                                                                                                                      إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح : قيل ذلك للمشركين؛ لأنهم استفتحوا، فقالوا: اللهم؛ أقطعنا للرحم، وأظلمنا لصاحبه، فانصر عليه، قاله الحسن ، ومجاهد ، وغيرهما.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 165 ] وقيل: قيل لهم ذلك؛ لقولهم: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم [الأنفال: 32].

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: الخطاب كله للمؤمنين.

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى وإن تنتهوا فهو خير لكم أي: وإن تنتهوا عما أخذتموه من الغنائم، وفعلتموه من الأسر قبل الإذن.

                                                                                                                                                                                                                                      وإن تعودوا إلى مثل ذلك؛ {نعد} إلى توبيخكم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إن قوله: إن تستفتحوا للمسلمين، وما بعده للمشركين؛ فمعنى وإن تعودوا نعد : إن جعل للمشركين أن يعودوا إلى القتال؛ نعد إلى مثل وقعة بدر.

                                                                                                                                                                                                                                      وروي: أن المشركين خرجوا معهم بأستار الكعبة يستفتحون بها؛ أي: يستنصرون.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون أي: وأنتم تسمعون دعاءه لكم.

                                                                                                                                                                                                                                      الحسن : وأنتم تسمعون الحجة.

                                                                                                                                                                                                                                      ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون : لأنهم استمعوا استماع من لا يريد اتباع الحق، ثم أعلم الله تعالى أن الكفار شر ما دب على الأرض.

                                                                                                                                                                                                                                      ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم : قال ابن جريج ، وابن زيد: المعنى: لأسمعهم [ ص: 166 ] الحجج والمواعظ سماع تفهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المعنى: لأسمعهم كلام الموتى الذين طلبوا إحياءهم؛ لأنهم طلبوا إحياء قصي بن كلاب، وغيره؛ ليشهدوا بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                                      الزجاج : لأسمعهم جواب كل ما سألوا عنه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون : أعلم الله تعالى أنهم لا ينتفعون بما يسمعون؛ إذ قد سبق في علمه أنهم لا يؤمنون، والمراد به: المشركون، وقيل: المنافقون.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية