الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                1211 وحدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث حدثني أبي عن جدي حدثني عقيل بن خالد عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحج حتى قدمنا مكة فقال رسول الله من أحرم بعمرة ولم يهد فليحلل ومن أحرم بعمرة وأهدى فلا يحل حتى ينحر هديه ومن أهل بحج فليتم حجه قالت عائشة رضي الله عنها فحضت فلم أزل حائضا حتى كان يوم عرفة ولم أهلل إلا بعمرة فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنقض رأسي وأمتشط وأهل بحج وأترك العمرة قالت ففعلت ذلك حتى إذا قضيت حجتي بعث معي رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن أبي بكر وأمرني أن أعتمر من التنعيم مكان عمرتي التي أدركني الحج ولم أحلل منها [ ص: 307 ]

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                [ ص: 307 ] قولها : ( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فمنا من أهل بعمرة ، ومنا من أهل بحج حتى قدمنا مكة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أحرم بعمرة ولم يهد فليتحلل ، ومن أحرم بعمرة وأهدى فلا يحل حتى ينحر هديه ، ومن أهل بحج فليتم حجه ) هذا الحديث ظاهر في الدلالة لمذهب أبي حنيفة وأحمد وموافقهما في أن المعتمر المتمتع إذا كان معه هدي لا يتحلل من عمرته حتى ينحر هديه يوم النحر .

                                                                                                                ومذهب مالك والشافعي وموافقيهما أنه إذا طاف وسعى وحلق حل من عمرته ، وحل له كل شيء في الحال ، سواء كان ساق هديا أم لا . واحتجوا بالقياس على من لم يسق الهدي ، وبأنه تحلل من نسكه ، فوجب أن يحل له كل شيء كما لو تحلل المحرم بالحج ، وأجابوا عن هذه الرواية بأنها مختصرة من الروايات التي ذكرها مسلم بعدها ، والتي ذكرها قبلها عن عائشة قالت : ( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فأهللنا بعمرة ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان معه هدي فليهلل بالحج مع العمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا ) . فهذه الرواية مفسرة للمحذوف من الرواية التي احتج بها أبو حنيفة وتقديرها : ومن أحرم بعمرة وأهدى فليهلل بالحج ولا يحل حتى ينحر هديه : ولا بد من هذا التأويل ؛ لأن القضية واحدة والراوي واحد ، فيتعين الجمع بين الروايتين على ما ذكرناه . والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية