الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( ولا تصح وصية من اعتقل لسانه بها ) وهو المذهب . نص عليه . وعليه جماهير الأصحاب . منهم القاضي ، وابن عقيل وجزم به في الوجيز ، وغيره . وقدمه في المحرر ، والفروع ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفائق ، والهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، وغيرهم . وعنه : التوقف . ويحتمل أن تصح . يعني . إذا اتصل بالموت ، وفهمت إشارته . [ ص: 188 ] ذكره ابن عقيل ، وأبو الخطاب في الهداية . واختاره في الفائق . قلت : وهو الصواب . قال الحارثي : وهو الأولى . واستدل له بحديث " رض اليهودي رأس الجارية وإيمائها إليه " .

قوله ( وإن وجدت وصية بخطه : صحت ) . هذا المذهب مطلقا . قال الزركشي : نص عليه الإمام أحمد رحمه الله . واعتمده الأصحاب . وقاله الخرقي . وقدمه في المغني ، والشرح ، والمحرر ، والرعايتين ، والفروع ، وغيرهم . وقال القاضي في شرح المختصر : ثبوت الخط يتوقف على معاينة البينة أو الحاكم لفعل الكتابة . لأن الكتابة عمل . والشهادة على العمل طريقها الرواية . نقله الحارثي . ويحتمل أن لا تصح حتى يشهد عليها . وقد خرج ابن عقيل ، ومن بعده : رواية بعدم الصحة . أخذا من قول الإمام أحمد رحمه الله . فيمن كتب وصيته وختمها . وقال " اشهدوا بما فيها " أنه لا تصح . أي شهادتهم على ذلك . فنص الإمام أحمد في الأولى : بالصحة . وفي الثانية : بعدمها ، حتى يسمعوا ما فيه ، أو يقرأ عليه . فيقر بما فيه . فخرج جماعة منهم : المجد في محرره ، وغيره في كل منهما رواية من الأخرى ، وقد خرج المصنف في باب كتاب القاضي إلى القاضي من الأولى في الثانية وقال هنا " يحتمل أن لا يصح حتى يشهد عليها " فهو كالتخريج من الثانية في الأولى . والصحيح من المذهب . التفرقة . [ ص: 189 ] فتصح في الأولى ، ولا تصح في الثانية . وعليه جماهير الأصحاب . وقيل : تصح في الثانية أيضا . اختاره المصنف ، والشارح ، وصاحب الفائق . ويأتي النصان في كلام المصنف ، في باب حكم كتاب القاضي إلى القاضي .

تنبيه : معنى قول الإمام أحمد رحمه الله فيمن كتب وصيته وختمها وقال " اشهدوا بما فيها " أنها لا تصح . أي لا تصح شهادتهم على ذلك . قلنا : العمل بخطه في هذه الوصية ، فحيث علم خطه إما بإقرار ، أو ببينة فإنه يعمل بها كالأولى . بل هي من أفراد العمل بالخط في الوصية . نبه على ذلك شيخنا في حواشي الفروع . وهو واضح . قلت : في كلام الزركشي إيماء إلى ذلك . فإنه قال : وقد يفرق بأن شرط الشهادة : العلم . وما في الوصية والحال هذه غير معلوم . أما لو وقعت الوصية ، على أنه لو وصى : فليس في نص الإمام أحمد رحمه الله تعالى ما يمنعه . ثم بعد ذلك يعمل بالخط بشرطه . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية