الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( حدثنا عباس بن محمد الدوري حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ ) اسم فاعل من الإقراء ، وهو تعليم القرآن ( حدثنا ليث بن سعد حدثني أبو عثمان الوليد بن أبي الوليد عن سليمان بن خارجة عن خارجة بن زيد بن ثابت قال دخل نفر ) يقع على الثلاثة إلى العشرة ولا واحد له من لفظه على [ ص: 188 ] ما في الصحاح ( على زيد بن ثابت فقالوا له : حدثنا أحاديث رسول الله ) وفي نسخة عن رسول الله ( - صلى الله عليه وسلم - قال : ماذا أحدثكم ) أي شيء أحدثكم ، وكأنهم طلبوا منه الإحاطة بأحواله وأفعاله وأقواله - صلى الله عليه وسلم - فتعجب من ذلك واستنكر الوقوف على ما هنالك ولكن لما كان من القواعد المقررة أن ما لا يدرك كله لا يترك كله أفادهم بعض ذلك على وجه يشير إلى غاية ضبطه ويشعر إلى نهاية حفظه حيث قال : ( كنت جاره ) أي : فلي خبرة به أتم من غيري فهذا دليل على قربه الصوري ، وأما الشاهد على دنوه المعنوي فقوله ( فكان إذا نزل عليه الوحي بعث إلى ) أي : أرسل أحدا إلي يطلبني لكتابة الوحي غالبا فإنه من أجل الكتبة وأكثرهم في المباشرة ( فكتبته له ) أي : الوحي ( فكنا ) أي : معشر الصحابة ( إذا ذكرنا الدنيا ) أي : ذما أو مدحا لكونها مزرعة الآخرة ومحل الاعتبار لأرباب المعرفة ( ذكرها معنا ) والمراد : بذكر الدنيا ذكر الأمور المتعلقة بالدنيا المعينة على أحوال العقبى كالجهاد وما يتعلق به من المشاورة في أموره والتأمل والنظر في أحواله وما يتوقف عليه من مصالحه وآلاته وسلاحه وأمثال ذلك ( وإذا ذكرنا الآخرة ذكرها معنا ) أي : وبين لنا تفاصيل أحوالها أو ما يترتب عليها من الأمور المرغبة والمرهبة وغيرها ( وإذا ذكرنا الطعام ) أي : ضرره ونفعه وآداب أكله وبيان أنواعه من المأكولات والمشروبات والفواكه وسائر المستلذات ( ذكره معنا ) وأفاد في كل من الحكم المتعلقة به وما يتحصل به من منفعته ومضرته على ما يعرف من الطب النبوي مما يكاد يعجز الواحد عن بيان العلم المصطفوي قال ابن حجر : ولا ينافي هذا ما تقرر في الباب قبل هذا في أحواله في مجلسه ؛ لأن ذكر الدنيا والطعام قد يقترن به فوائد علمية وأدبية وبتقدير خلوه عنهما ففيه بيان جواز تحدث الكبير مع أصحابه في المباحات ، ومثل هذا البيان واجب عليه - صلى الله عليه وسلم - ( فكل هذا أحدثكم ) بالرفع على ما هو الثابت في الرواية ، والرابطة في خبره محذوفة ، وقال ابن حجر : ويجوز النصب والتقدير أحدثكم إياه ( عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ) وفيه تأكيد لصحة [ ص: 189 ] مرويه وإظهار للاهتمام به .

التالي السابق


الخدمات العلمية