الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى : ( وإن كان له زوجة موسرة وهو معسر فالمنصوص : أنه لا تجب الفطرة عليها . وقال فيمن زوج أمته من معسر : إن على المولى فطرتها . فمن أصحابنا من نقل جواب كل واحدة من المسألتين إلى الأخرى وخرجهما على قولين ( أحدهما ) : لا تجب ; لأنها زكاة تجب عليه مع القدرة فسقطت بالإعسار كفطرة نفسه ( والثاني ) : تجب ; لأنه إذا كان معسرا جعل كالمعدوم . ولو عدم الزوج وجبت فطرة الحرة على نفسها وفطرة الأمة على سيدها . وكذلك ههنا ومن أصحابنا من قال : إن قلنا : يتحمل وجبت على الحرة وعلى مولى الأمة ; لأن الوجوب عليهما ، والزوج متحمل ، فإذا عجز عن التحمل بقي الوجوب في محله ، وإن قلنا : تجب عليه ابتداء لم تجب على الحرة ، ولا على مولى الأمة ; لأنه لا حق عليهما .

                                      وقال أبو إسحاق : تجب على مولى الأمة ولا تجب على الحرة ; لأن فطرتها على المولى ; لأن المولى لا يجب عليه التبوئة التامة ، فإذا سلم كان متبرعا فلا يسقط بذلك ما وجب عليه من الزكاة ، [ ص: 84 ] والحرة غير متبرعة بالتسليم ; لأنه يجب عليها تسليم نفسها ، فإذا لم يقدر على فطرتها سقطت عنها الفطرة ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) قوله : لأنها زكاة تجب عليه مع القدرة ، احترز بالزكاة عن نفقة الزوجة ( وقوله ) : وعليه التبوئة هو - بتاء مثناة من فوق مفتوحة ثم باء موحدة وبعد الواو همزة - وهي التسليم ، وهذا الخلاف الذي ذكره المصنف مشهور . ذكر الأصحاب حكمه ودليله كما ذكره .

                                      والأصح وجوب الفطرة على سيد الأمة دون الحرة ، كما نص عليه . ويجري الخلاف فيما لو تزوج عبد بحرة أو أمة ، فإنه معسر . والأصح : وجوبها على سيد زوجته الأمة دون الحرة . قال الشافعي والأصحاب : ويستحب للحرة أن تخرج الفطرة عن نفسها للخروج من الخلاف ولتطهيرها . وإذا قلنا : يلزم الحرة الموسرة فطرتها فأخرجتها ثم أيسر الزوج لم ترجع بها عليه ، هذا هو المذهب . وهو مقتضى إطلاق المصنف والجمهور ، وقال صاحب " الحاوي " : ترجع عليه بها كما ترجع عليه بالنفقة إذا أيسر .

                                      وهذا النقل شاذ مردود والاستدلال له ضعيف ، فإن المعسر ليس أهلا لوجوب الفطرة بخلاف نفقة الزوجة .




                                      الخدمات العلمية