الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب في تزويج من لم يولد

                                                                      2103 حدثنا الحسن بن علي ومحمد بن المثنى المعنى قالا حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا عبد الله بن يزيد بن مقسم الثقفي من أهل الطائف حدثتني سارة بنت مقسم أنها سمعت ميمونة بنت كردم قالت خرجت مع أبي في حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فدنا إليه أبي وهو على ناقة له فوقف له واستمع منه ومعه درة كدرة الكتاب فسمعت الأعراب والناس وهم يقولون الطبطبية الطبطبية الطبطبية فدنا إليه أبي فأخذ بقدمه فأقر له ووقف عليه واستمع منه فقال إني حضرت جيش عثران قال ابن المثنى جيش غثران فقال طارق بن المرقع من يعطيني رمحا بثوابه قلت وما ثوابه قال أزوجه أول بنت تكون لي فأعطيته رمحي ثم غبت عنه حتى علمت أنه قد ولد له جارية وبلغت ثم جئته فقلت له أهلي جهزهن إلي فحلف أن لا يفعل حتى أصدقه صداقا جديدا غير الذي كان بيني وبينه وحلفت لا أصدق غير الذي أعطيته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وبقرن أي النساء هي اليوم قال قد رأت القتير قال أرى أن تتركها قال فراعني ذلك ونظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأى ذلك مني قال لا تأثم ولا يأثم صاحبك قال أبو داود القتير الشيب حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج أخبرني إبراهيم بن ميسرة أن خالته أخبرته عن امرأة قالت هي مصدقة امرأة صدق قالت بينا أبي في غزاة في الجاهلية إذ رمضوا فقال رجل من يعطيني نعليه وأنكحه أول بنت تولد لي فخلع أبي نعليه فألقاهما إليه فولدت له جارية فبلغت وذكر نحوه لم يذكر قصة القتير [ ص: 104 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 104 ] ( ميمونة بنت كردم ) : بفتح الكاف وسكون الراء المهملة وبعدها دال مهملة مفتوحة وميم ( في حجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) : أي في حجة الوداع ( فدنا ) : أي قرب ( وهو ) : أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( معه درة ) : بكسر الدال المهملة التي يضرب بها ( كدرة الكتاب ) : بضم الكاف وتشديد التاء ، أي كدرة تكون عند معلمي الأطفال .

                                                                      قال المنذري : الدرة بكسر الدال المهملة وتشديد الراء المهملة وفتحها هي التي يضرب بها ، ويشبه أن يكون أراد بدرة الكتاب التي يؤدب بها المعلم صبيانه فكأنه يشير إلى صغرها انتهى ( وهم يقولون الطبطبية الطبطبية الطبطبية ) : بفتح الطائين المهملتين بينهما باء موحدة ساكنة وبعد الثانية مثلها مكسورة ثم ياء مشددة ثم تاء التأنيث ، يحتمل وجهين أحدهما أن يكون أرادت به حكاية وقع الأقدام أي يقولون بأرجلهم طب طب والوجه الآخر أن يكون كناية عن الدرة لأنها إذا ضرب بها حكت صوت طب طب وهي منصوبة على التحذير كقولك الأسد الأسد أي احذروا الطبطبية . كذا في المنذري والخطابي ( فأخذ ) : أي أبي ( بقدمه ) : - صلى الله عليه وسلم - ( فأقر له ) : أي فأقر برسالته - صلى الله عليه وسلم - واعترف بها ( إني حضرت جيش عثران ) : بالعين المهملة وكان ذلك في الجاهلية ( قال ابن المثنى جيش غثران ) : بالغين المعجمة ( من يعطيني رمحا بثوابه ) : أي من يعطيني رمحا ويأخذ مني في عوضه ثوابه أي جزاءه ( أول بنت تكون لي ) أي تولد لي [ ص: 105 ] ( فقلت له أهلي ) : أي هي أهلي أو منصوب على إضمار عامله على شريطة التفسير ويفسره قوله ( جهزهن ) : وضمير الجمع رعاية للفظ أهل أو للتعظيم ، وفي بعض النسخ جهزهم ( فحلف ) : أي طارق ( أن لا يفعل ) : أي لا يجهزها ( حتى أصدق ) : أي أجعل لها مهرا ( وبقرن أي النساء هي ) : قال الخطابي : يريد بسن أي النساء هي ، والقرن بنو سن واحد ، يقال هؤلاء قرن زمان ، كذا وأنشدني أبو عمرو قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى :

                                                                      إذا ما مضى القرن الذي أنت منهم وخلفت في قرن فأنت غريب

                                                                      وفي النهاية : بقرن أي النساء هي أي بسن أيتهن ( قد رأت القتير ) : أي الشيب ( قال ) : النبي - صلى الله عليه وسلم - ( أن تتركها ) : أي المرأة ( قال ) : كردم أبو ميمونة ( فراعني ) : أي أفزعني وهو لازم ومتعد ( فلما رأى ذلك ) : أي الفزع ( قال لا تأثم ولا صاحبك ) : أي طارق بن المرقع ( يأثم ) : بالحنث من اليمين .

                                                                      قال الخطابي في المعالم : يشبه أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أشار عليه بتركها لأن عقد النكاح على معدوم العين فاسد ، وإنما كان ذلك منه موعدا له فلما رأى أن ذلك لا يفي بما وعد وأن هذا لا يقلع عما طلب أشار عليه بتركها والإعراض عنها لما خاف عليهما من الإثم إذا تنازعا وتخاصما إذ كان كل واحد منهما قد حلف أن لا يفعل غير ما حلف عليه صاحبه ، وتلطف النبي - صلى الله عليه وسلم - في صرفه عنه بالمسألة عن سنها حتى قرر عنده أنها قد رأت القتير أي الشيب وكبرت وأنه لا حظ في نكاحها .

                                                                      وفيه دليل على أن للحاكم أن يشير على أحد الخصمين بما هو أدعى إلى الصلاح وأقرب إلى التقوى انتهى .

                                                                      قال المنذري : اختلف في إسناد هذا الحديث . وفي إسناده من لا يعرف . [ ص: 106 ] ( إذا رمضوا ) : بكسر الميم أي وجدوا الحرارة في أقدامهم .




                                                                      الخدمات العلمية