الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 238 ] قال تعالى : ( أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين ( 55 ) نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون ( 56 ) ) قوله تعالى : ( أنما ) : بمعنى الذي ، وخبر أن : " نسارع لهم " والعائد محذوف ; أي نسارع لهم ، أي فيه ; ولا يجوز أن يكون الخبر " من مال " لأنه إذا كان " من مال " فلا يعاب عليهم ذلك ; وإنما يعاب عليهم اعتقادهم أن تلك الأموال خير لهم .

ويقرأ نسارع بالياء والنون ، وعلى ترك تسمية الفاعل ، ونسرع بغير ألف .

قال تعالى : ( والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون ( 60 ) ) .

قوله تعالى : ( ما آتوا ) : " ما " بمعنى الذي ، والعائد محذوف ; أي يعطون ما يعطون .

ويقرأ : أتوا - بالقصر ; أي ما جاءوه .

( أنهم . . . ) أي وجلة من رجوعهم إلى ربهم ، فحذف حرف الجر .

قال تعالى : ( أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون ( 61 ) ) .

قوله تعالى : ( وهم لها ) ; أي لأجلها . وقيل : التقدير : وهم يسابقونها ; أي يبادرونها ; فهي في موضع المفعول ; ومثله : ( هم لها عاملون ) [ المؤمنون : 63 ] أي لأجلها وإياها يعملون .

قال تعالى : ( حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون ( 64 ) ) .

قوله تعالى : ( إذا ) هي للمفاجأة ، وقد ذكر حكمها .

قال تعالى : ( قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون ( 66 ) مستكبرين به سامرا تهجرون ( 67 ) ) .

قوله تعالى : ( على أعقابكم ) : هو حال من الفاعل في " تنكصون " وقوله تعالى : " مستكبرين " : حال أخرى .

والهاء في " به " للقرآن العظيم . وقيل : للنبي عليه الصلاة والسلام . وقيل : لأمر الله تعالى ; وقيل : للبيت ; فعلى هذا القول تكون متعلقة بـ " سامرا " أي تسمرون حول البيت .

وقيل : بالقرآن . وسامرا حال أيضا ، وهو مصدر ، كقولهم : قم قائما ، وقد جاء من المصدر على لفظ اسم الفاعل نحو العاقبة والعافية . وقيل : هو واحد في موضع الجمع .

[ ص: 239 ] وقرئ : ( سمرا ) جمع سامر ، مثل شاهد وشهد .

و ( تهجرون ) : في موضع الحال من الضمير في سامرا . ويقرأ بفتح التاء ، من قولك : هجر يهجر ، إذا هذى . وقيل : يهجرون القرآن . ويقرأ بضم التاء وكسر الجيم ، من أهجر ; إذا جاء بالهجر ، وهو الفحش . ويقرأ بالتشديد ، وهو في معنى المخفف . قال تعالى : ( أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين ( 72 ) ) .

قوله تعالى : ( خرجا ) : يقرأ بغير ألف في الأول ، وبألف في الثاني .

ويقرأ بغير ألف فيهما ، وبألف فيهما ، وهما بمعنى .

وقيل : الخرج : الأجرة ، والخراج : ما يضرب على الأرض والرقاب .

قال تعالى : ( وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون ( 74 ) ) .

قوله تعالى : ( عن الصراط ) : يتعلق بـ " ناكبون " ولا تمنع اللام من ذلك .

قال تعالى : ( ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون ( 76 ) ) .

قوله تعالى : ( فما استكانوا ) : [ آل عمران : 146 ] قد ذكر في آل عمران بما فيه من الاختلاف .

قال تعالى : ( وهو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون ( 78 ) ) .

قوله تعالى : ( قليلا ما تشكرون ) : [ الأعراف : 10 ] قد ذكر في أول الأعراف .

قال تعالى : ( قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون ( 84 ) سيقولون لله قل أفلا تذكرون ( 85 ) ) .

قوله تعالى : ( سيقولون لله ) : الموضع الأول باللام في قراءة الجمهور ، وهو جواب ما فيه اللام ، وهو قوله تعالى : ( لمن الأرض ) وهو مطابق للفظ والمعنى .

وقرئ بغير لام حملا على المعنى ; لأن معنى " لمن الأرض " : من رب الأرض ؟ فيكون الجواب : الله ; أي هو الله .

وأما الموضعان الآخران فيقرآن بغير لام حملا على [ ص: 240 ] اللفظ ; وهو جواب قوله تعالى : ( من رب السماوات ) . " من بيده ملكوت " باللام على المعنى ; لأن المعنى في قوله : " من رب السماوات " لمن السماوات ؟ .

التالي السابق


الخدمات العلمية