الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 184 ] فصل .

[ هل الأحرف السبعة موجودة في المصاحف العثمانية ؟ ] تنبيه : اختلف : هل المصاحف العثمانية مشتملة على جميع الأحرف السبعة ؟

فذهب جماعات من الفقهاء والقراء والمتكلمين إلى ذلك ، وبنوا عليه أنه لا يجوز على الأمة أن تهمل نقل شيء منها ، وقد أجمع الصحابة على نقل المصاحف العثمانية من الصحف التي كتبها أبو بكر ، وأجمعوا على ترك ما سوى ذلك .

وذهب جماهير العلماء من السلف والخلف وأئمة المسلمين ، إلى أنها مشتملة على ما يحتمل رسمها من الأحرف السبعة فقط ، جامعة للعرضة الأخيرة التي عرضها النبي - صلى الله عليه وسلم - على جبريل متضمنة لها ، لم تترك حرفا منها .

قال ابن الجزري : وهذا هو الذي يظهر صوابه .

ويجاب عن الأول بما ذكره ابن جرير : أن القراءة على الأحرف السبعة لم تكن واجبة على الأمة ، وإنما كان جائزا لهم ومرخصا لهم فيه ، فلما رأى الصحابة أن الأمة تفترق وتختلف إذا لم يجتمعوا على حرف واحد ، اجتمعوا على ذلك اجتماعا شائعا ، وهم معصومون من الضلالة ، ولم يكن في ذلك ترك واجب ولا فعل حرام ، ولا شك أن القرآن نسخ منه في العرضة الأخيرة وغير ، فاتفق رأي الصحابة على أن كتبوا ما تحققوا أنه قرآن مستقر في العرضة الأخيرة ، وتركوا ما سوى ذلك .

وأخرج ابن أشتة في " المصاحف " وابن أبي شيبة في فضائله ، من طريق ابن سيرين ، عن عبيدة السلماني ، قال : القراءة التي عرضت على النبي - صلى الله عليه وسلم - في العام الذي قبض فيه هي القراءة التي يقرؤها الناس اليوم .

وأخرج ابن أشتة ، عن ابن سيرين قال : كان جبريل يعارض النبي - صلى الله عليه وسلم - كل سنة في شهر [ ص: 185 ] رمضان مرة ، فلما كان العام الذي قبض فيه عارضه مرتين . فيرون أن تكون قراءتنا هذه على العرضة الأخيرة .

وقال البغوي في شرح السنة : يقال إن زيد بن ثابت شهد العرضة الأخيرة التي بين فيها ما نسخ وما بقي ، وكتبها لرسول - صلى الله عليه وسلم - وقرأها عليه ، وكان يقرئ الناس بها حتى مات ; ولذلك اعتمده أبو بكر وعمر في جمعه ، وولاه عثمان كتب المصاحف .

التالي السابق


الخدمات العلمية