[ ص: 155 ] nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=8nindex.php?page=treesubj&link=29019_31037إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=9لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا
لما أريد الانتقال من الوعد بالفتح والنصر وما اقتضاه ذلك مما اتصل به ذكره ، إلى
nindex.php?page=treesubj&link=30864تبيين ما جرى في حادثة الحديبية وإبلاغ كل ذي حظ من تلك القضية نصيبه المستحق ثناء أو غيره صدر ذلك بذكر مراد الله من إرسال رسوله - صلى الله عليه وسلم - ليكون ذلك كالمقدمة للقصة وذكرت حكمة الله - تعالى - في إرساله ما له مزيد اختصاص بالواقعة المتحدث عنها ، فذكرت أوصاف ثلاثة هي : شاهد ، ومبشر ، ونذير . وقدم منها وصف الشاهد لأنه يتفرع عنه الوصفان بعده .
فالشاهد : المخبر بتصديق أحد أو تكذيبه فيما ادعاه أو ادعي به عليه وتقدم في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=41فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا في سورة النساء وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143ويكون الرسول عليكم شهيدا في سورة البقرة .
فالمعنى : أرسلناك في حال أنك تشهد على الأمة بالتبليغ بحيث لا يعذر المخالفون عن شريعتك فيما خالفوا فيه ، وتشهد على الأمم ، وهذه الشهادة حاصلة في الدنيا وفي يوم القيامة ، فانتصب شاهدا على أنه حال ، وهو حال مقارنة ويترتب على التبليغ الذي سيشهد به أنه مبشر للمطيعين ونذير للعاصين على مراتب العصيان .
والكلام استئناف ابتدائي وتأكيده بحرف التأكيد للاهتمام .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=9لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا .
قرأ الجمهور الأفعال الأربعة لتؤمنوا ، وتعزروه ، وتوقروه ، وتسبحوه بالمثناة الفوقية في الأفعال الأربعة فيجوز أن تكون اللام في لتؤمنوا لام كي مفيدة للتعليل ومتعلقة بفعل أرسلناك .
والخطاب يجوز أن يكون للنبيء - صلى الله عليه وسلم - مع أمة الدعوة ، أي لتؤمن أنت والذين أرسلت إليهم شاهدا ومبشرا ونذيرا ، والمقصود الإيمان بالله . وأقحم ورسوله لأن الخطاب شامل للأمة وهم مأمورون بالإيمان برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - مأمور بأن يؤمن بأنه رسول الله ولذلك كان يقول في تشهده : وأشهد أن
[ ص: 156 ] محمدا عبده ورسوله وقال يوم
حنين :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002416أشهد أني عبد الله ورسوله . وصح أنه كان يتابع قول المؤذن أشهد أن
محمدا رسول الله .
ويجوز أن يكون الخطاب للناس خاصة ولا إشكال في عطف ورسوله .
ويجوز أن يكون الكلام قد انتهى عند قوله ونذيرا وتكون جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=9لتؤمنوا بالله إلخ جملة معترضة ، ويكون اللام في قوله لتؤمنوا لام الأمر ، وتكون الجملة استئنافا للأمر كما في قوله - تعالى - آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه في سورة الحديد .
وقرأه
ابن كثير وأبو عمرو بياء الغيبة فيها ، والضمائر عائدة إلى معلوم من السياق لأن الشهادة والتبشير والنذارة متعينة للتعلق بمقدر ، أي شاهدا على الناس ومبشرا ونذيرا لهم ليؤمنوا بالله إلخ .
والتعزيز : النصر والتأييد ، وتعزيزهم الله كقوله إن تنصروا الله . والتوقير : التعظيم .
والتسبيح : الكلام الذي يدل على تنزيه الله - تعالى - عن كل النقائص .
وضمائر الغيبة المنصوبة الثلاثة عائدة إلى اسم الجلالة لأن إفراد الضمائر مع كون المذكور قبلها اسمين دليل على أن المراد أحدهما . والقرينة على تعيين المراد ذكر " وتسبحوه " ، ولأن عطف " ورسوله " على لفظ الجلالة اعتداد بأن الإيمان بالرسول - صلى الله عليه وسلم - إيمان بالله فالمقصود هو الإيمان بالله . ومن أجل ذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في بعض الروايات عنه : إن ضمير تعزروه وتوقروه عائد إلى رسوله .
والبكرة : أول النهار . والأصيل : آخره ، وهما كناية عن استيعاب الأوقات بالتسبيح والإكثار منه ، كما يقال : شرقا وغربا لاستيعاب الجهات .
وقيل التسبيح هنا : كناية عن الصلوات الواجبة والقول في بكرة وأصيلا هو هو .
وقد وقع في سورة الأحزاب نظير هذه الآية وهو قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=45يا أيها النبيء إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=46وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا [ ص: 157 ] فزيد في
nindex.php?page=treesubj&link=31037_28753صفات النبيء - صلى الله عليه وسلم - هنالك وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ولم يذكر مثله في الآية هذه التي في سورة الفتح . ووجه ذلك أن هذه الآية التي في سورة الفتح وردت في سياق إبطال شك الذين شكوا في أمر الصلح والذين كذبوا بوعد الفتح والنصر ، والثناء على الذين اطمأنوا لذلك فاقتصر من أوصاف النبيء - صلى الله عليه وسلم - على الوصف الأصلي وهو أنه شاهد على الفريقين وكونه مبشرا لأحد الفريقين ونذيرا للآخر ، بخلاف آية الأحزاب فإنها وردت في سياق تنزيه النبيء - صلى الله عليه وسلم - عن مطاعن المنافقين والكافرين في تزوجه
nindex.php?page=showalam&ids=15953زينب بنت جحش بعد أن طلقها
nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة بزعمهم أنها زوجة ابنه ، فناسب أن يزاد في صفاته ما فيه إشارة إلى التمحيص بين ما هو من صفات الكمال وما هو من الأوهام الناشئة عن مزاعم كاذبة مثل التبني ، فزيد كونه داعيا إلى الله بإذنه ، أي لا يتبع مزاعم الناس ورغباتهم وأنه سراج منير يهتدي به من همته في الاهتداء دون التقعير .
وقد تقدم في تفسير سورة الأحزاب حديث
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص في صفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في التوراة فارجع إليه .
[ ص: 155 ] nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=8nindex.php?page=treesubj&link=29019_31037إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=9لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا
لَمَّا أُرِيدَ الِانْتِقَالُ مِنَ الْوَعْدِ بِالْفَتْحِ وَالنَّصْرِ وَمَا اقْتَضَاهُ ذَلِكَ مِمَّا اتَّصَلَ بِهِ ذِكْرُهُ ، إِلَى
nindex.php?page=treesubj&link=30864تَبْيِينِ مَا جَرَى فِي حَادِثَةِ الْحُدَيْبِيَةِ وَإِبْلَاغِ كُلِّ ذِي حَظٍّ مِنْ تِلْكَ الْقَضِيَّةِ نَصِيبَهُ الْمُسْتَحَقَّ ثَنَاءً أَوْ غَيْرَهُ صَدَّرَ ذَلِكَ بِذِكْرِ مُرَادِ اللَّهِ مِنْ إِرْسَالِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيَكُونَ ذَلِكَ كَالْمُقَدَّمَةِ لِلْقِصَّةِ وَذُكِرَتْ حِكْمَةُ اللَّهِ - تَعَالَى - فِي إِرْسَالِهِ مَا لَهُ مَزِيدُ اخْتِصَاصٍ بِالْوَاقِعَةِ الْمُتَحَدَّثِ عَنْهَا ، فَذُكِرَتْ أَوْصَافٌ ثَلَاثَةٌ هِيَ : شَاهِدٌ ، وَمُبَشِّرٌ ، وَنَذِيرٌ . وَقُدِّمَ مِنْهَا وَصْفُ الشَّاهِدِ لِأَنَّهُ يَتَفَرَّعُ عَنْهُ الْوَصْفَانِ بَعْدَهُ .
فَالشَّاهِدُ : الْمُخْبِرُ بِتَصْدِيقِ أَحَدٍ أَوْ تَكْذِيبِهِ فِيمَا ادَّعَاهُ أَوِ ادُّعِيَ بِهِ عَلَيْهِ وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=41فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا فِي سُورَةِ النِّسَاءِ وَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
فَالْمَعْنَى : أَرْسَلْنَاكَ فِي حَالِ أَنَّكَ تَشْهَدُ عَلَى الْأُمَّةِ بِالتَّبْلِيغِ بِحَيْثُ لَا يُعْذَرُ الْمُخَالِفُونَ عَنْ شَرِيعَتِكَ فِيمَا خَالَفُوا فِيهِ ، وَتَشْهَدُ عَلَى الْأُمَمِ ، وَهَذِهِ الشَّهَادَةُ حَاصِلَةٌ فِي الدُّنْيَا وَفِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، فَانْتَصَبَ شَاهِدًا عَلَى أَنَّهُ حَالٌ ، وَهُوَ حَالُ مُقَارَنَةٍ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى التَّبْلِيغِ الَّذِي سَيَشْهَدُ بِهِ أَنَّهُ مُبَشِّرٌ لِلْمُطِيعِينَ وَنَذِيرٌ لِلْعَاصِينَ عَلَى مَرَاتِبِ الْعِصْيَانِ .
وَالْكَلَامُ اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ وَتَأْكِيدُهُ بِحَرْفِ التَّأْكِيدِ لِلِاهْتِمَامِ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=9لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا .
قَرَأَ الْجُمْهُورُ الْأَفْعَالَ الْأَرْبَعَةَ لِتُؤْمِنُوا ، وَتُعَزِّرُوهُ ، وَتُوَقِّرُوهُ ، وَتُسَبِّحُوهُ بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ فِي الْأَفْعَالِ الْأَرْبَعَةِ فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ فِي لِتُؤْمِنُوا لَامَ كَيْ مُفِيدَةً لِلتَّعْلِيلِ وَمُتَعَلِّقَةً بِفِعْلِ أَرْسَلْنَاكَ .
وَالْخِطَابُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلنَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ أُمَّةِ الدَّعْوَةِ ، أَيْ لِتُؤْمِنَ أَنْتَ وَالَّذِينَ أُرْسِلْتَ إِلَيْهِمْ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ، وَالْمَقْصُودُ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ . وَأُقْحِمَ وَرَسُولِهِ لِأَنَّ الْخِطَابَ شَامِلٌ لِلْأُمَّةِ وَهُمْ مَأْمُورُونَ بِالْإِيمَانِ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَلِأَنَّ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَأْمُورٌ بِأَنْ يُؤْمِنَ بِأَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ وَلِذَلِكَ كَانَ يَقُولُ فِي تَشَهُّدِهِ : وَأَشْهَدُ أَنَّ
[ ص: 156 ] مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَقَالَ يَوْمَ
حُنَيْنٍ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002416أَشْهَدُ أَنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ . وَصَحَّ أَنَّهُ كَانَ يُتَابِعُ قَوْلَ الْمُؤَذِّنِ أَشْهَدُ أَنَّ
مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْخِطَابُ لِلنَّاسِ خَاصَّةً وَلَا إِشْكَالَ فِي عَطْفِ وَرَسُولِهِ .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ قَدِ انْتَهَى عِنْدَ قَوْلِهِ وَنَذِيرًا وَتَكُونُ جُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=9لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ إِلَخْ جُمْلَةً مُعْتَرِضَةً ، وَيَكُونُ اللَّامُ فِي قَوْلِهِ لِتُؤْمِنُوا لَامَ الْأَمْرِ ، وَتَكُونُ الْجُمْلَةُ اسْتِئْنَافًا لِلْأَمْرِ كَمَا فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى - آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فِي سُورَةِ الْحَدِيدِ .
وَقَرَأَهُ
ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو بِيَاءِ الْغَيْبَةِ فِيهَا ، وَالضَّمَائِرُ عَائِدَةٌ إِلَى مَعْلُومٍ مِنَ السِّيَاقِ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ وَالتَّبْشِيرَ وَالنِّذَارَةَ مُتَعَيِّنَةٌ لِلتَّعَلُّقِ بِمُقَدَّرٍ ، أَيْ شَاهِدًا عَلَى النَّاسِ وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا لَهُمْ لِيُؤْمِنُوا بِاللَّهِ إِلَخْ .
وَالتَّعْزِيزُ : النَّصْرُ وَالتَّأْيِيدُ ، وَتَعْزِيزُهُمُ اللَّهَ كَقَوْلِهِ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ . وَالتَّوْقِيرُ : التَّعْظِيمُ .
وَالتَّسْبِيحُ : الْكَلَامُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى تَنْزِيهِ اللَّهِ - تَعَالَى - عَنْ كُلِّ النَّقَائِصِ .
وَضَمَائِرُ الْغَيْبَةِ الْمَنْصُوبَةُ الثَّلَاثَةُ عَائِدَةٌ إِلَى اسْمِ الْجَلَالَةِ لِأَنَّ إِفْرَادَ الضَّمَائِرِ مَعَ كَوْنِ الْمَذْكُورِ قَبْلَهَا اسْمَيْنِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَحَدُهُمَا . وَالْقَرِينَةُ عَلَى تَعْيِينِ الْمُرَادِ ذِكْرُ " وَتُسَبِّحُوهُ " ، وَلِأَنَّ عَطْفَ " وَرَسُولِهِ " عَلَى لَفْظِ الْجَلَالَةِ اعْتِدَادٌ بِأَنَّ الْإِيمَانَ بِالرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِيمَانٌ بِاللَّهِ فَالْمَقْصُودُ هُوَ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ . وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ : إِنَّ ضَمِيرَ تُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ عَائِدٌ إِلَى رَسُولِهِ .
وَالْبُكْرَةُ : أَوَّلُ النَّهَارِ . وَالْأَصِيلُ : آخِرُهُ ، وَهُمَا كِنَايَةٌ عَنِ اسْتِيعَابِ الْأَوْقَاتِ بِالتَّسْبِيحِ وَالْإِكْثَارِ مِنْهُ ، كَمَا يُقَالُ : شَرْقًا وَغَرْبًا لِاسْتِيعَابِ الْجِهَاتِ .
وَقِيلَ التَّسْبِيحُ هُنَا : كِنَايَةٌ عَنِ الصَّلَوَاتِ الْوَاجِبَةِ وَالْقَوْلُ فِي بُكْرَةٍ وَأَصِيلًا هُوَ هُوَ .
وَقَدْ وَقَعَ فِي سُورَةِ الْأَحْزَابِ نَظِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=45يَا أَيُّهَا النَّبِيءُ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=46وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا [ ص: 157 ] فَزِيدَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=31037_28753صِفَاتِ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُنَالِكَ وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا وَلَمْ يُذْكَرْ مِثْلُهُ فِي الْآيَةِ هَذِهِ الَّتِي فِي سُورَةِ الْفَتْحِ . وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ الَّتِي فِي سُورَةِ الْفَتْحِ وَرَدَتْ فِي سِيَاقِ إِبْطَالِ شَكِّ الَّذِينَ شَكُّوا فِي أَمْرِ الصُّلْحِ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِوَعْدِ الْفَتْحِ وَالنَّصْرِ ، وَالثَّنَاءِ عَلَى الَّذِينَ اطْمَأَنُّوا لِذَلِكَ فَاقْتُصِرَ مِنْ أَوْصَافِ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْوَصْفِ الْأَصْلِيِّ وَهُوَ أَنَّهُ شَاهَدٌ عَلَى الْفَرِيقَيْنِ وَكَوْنِهِ مُبَشِّرًا لِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ وَنَذِيرًا لِلْآخَرِ ، بِخِلَافِ آيَةِ الْأَحْزَابِ فَإِنَّهَا وَرَدَتْ فِي سِيَاقِ تَنْزِيهِ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ مَطَاعِنِ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي تَزَوُّجِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=15953زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ بَعْدَ أَنْ طَلَّقَهَا
nindex.php?page=showalam&ids=138زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ بِزَعْمِهِمْ أَنَّهَا زَوْجَةُ ابْنِهِ ، فَنَاسَبَ أَنْ يُزَادَ فِي صِفَاتِهِ مَا فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى التَّمْحِيصِ بَيْنَ مَا هُوَ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ وَمَا هُوَ مِنَ الْأَوْهَامِ النَّاشِئَةِ عَنْ مَزَاعِمَ كَاذِبَةٍ مِثْلَ التَّبَنِّي ، فَزِيدَ كَوْنُهُ دَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ ، أَيْ لَا يَتَّبِعُ مَزَاعِمَ النَّاسِ وَرَغَبَاتِهِمْ وَأَنَّهُ سِرَاجٌ مُنِيرٌ يَهْتَدِي بِهِ مَنْ هِمَّتُهُ فِي الِاهْتِدَاءِ دُونَ التَّقْعِيرِ .
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَحْزَابِ حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=13عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّوْرَاةِ فَارْجِعْ إِلَيْهِ .