الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [42 - 49] وأن إلى ربك المنتهى وأنه هو أضحك وأبكى وأنه هو أمات وأحيا وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى وأن عليه النشأة الأخرى وأنه هو أغنى وأقنى وأنه هو رب الشعرى

                                                                                                                                                                                                                                      وأن إلى ربك المنتهى أي: انتهاء الخلق، ورجوعهم لمجازاتهم. والمخاطب إما عام، أي: أيها السامع أو العاقل، ففيه وعد أو وعيد، أو خاص بالنبي صلوات الله عليه، ففيه تسلية عما كان يلاقيه من جفاء قومه وجهلهم.

                                                                                                                                                                                                                                      ثم أشار إلى بعض آياته الدالة على انفراده بالألوهية، بقوله تعالى: وأنه هو أضحك [ ص: 5587 ] وأبكى أي: خلق قوتي الضحك والبكاء، أو أضحك أهل الجنة في الجنة، وأبكى أهل النار في النار، أو من شاء من أهل الدنيا، أو أعم.

                                                                                                                                                                                                                                      قال الرازي : اختار هذين الوصفين لأنهما أمران لا يعللان، فلا يقدر أحد من الطبيعيين أن يبدي في اختصاص الإنسان بهما سببا، وإذا لم يعلل بأمر، فلا بد له من موجد، وهو الله تعالى، وأطال في ذلك وأطاب، رحمه الله تعالى.

                                                                                                                                                                                                                                      وأنه هو أمات وأحيا أي: أمات من شاء من خلقه، وأحيى من شاء، قال: ابن جرير وعنى بقوله: أحيا نفخ فيه الروح في النطفة الميتة، فجعلها حية بتصييره الروح فيها.

                                                                                                                                                                                                                                      وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى أي: ابتدع إنشاءهما من نطفة إذا تدفق في الرحم.

                                                                                                                                                                                                                                      وأن عليه النشأة الأخرى أي: إعادة الخلق بعد مماتهم في نشأة أخرى لا تعلم، كما قال:

                                                                                                                                                                                                                                      وننشئكم في ما لا تعلمون وذلك للحساب والجزاء، المترتب على أعمال الخير والشر، بالمصير إلى الجنة أو النار.

                                                                                                                                                                                                                                      وأنه هو أغنى وأقنى أي: أغنى من شاء بالمال. و(أقناه) أي: جعل له قنية، وهو ما يدخره من أشرف أمواله، وأنه هو رب الشعرى وهو نجم مضيء خلف الجوزاء، وكان بعض أهل الجاهلية يعبده.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية