الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4285 ) فصل : وكل من استؤجر على عمل في عين ، فلا يخلو ; إما أن يوقعه وهي في يد الأجير ، كالصباغ يصبغ في حانوته ، والخياط في دكانه ، فلا يبرأ من العمل حتى يسلمها إلى المستأجر ، ولا يستحق الأجر حتى يسلمه مفروغا منه ; لأن المعقود عليه في مدة ، فلا يبرأ منه ما لم يسلمه إلى العاقد ، كالمبيع من الطعام ، لا يبرأ منه قبل تسليمه إلى المشتري . وأما إن كان يوقع العمل في ملك المستأجر ، مثل أن يحضره المستأجر إلى داره ليخيط فيها ، أو يصبغ فيها ، فإنه يبرأ من العمل ، ويستحق أجره بمجرد عمله ; لأنه في يد المستأجر ، فيصير مسلما للعمل حالا فحالا

                                                                                                                                            ولو استأجر رجلا يبني له حائطا في داره ، أو يحفر فيها بئرا ، لبرئ من العمل ، واستحق أجره بمجرد عمله . ولو كانت البئر في الصحراء ، أو الحائط ، لم يبرأ بمجرد العمل . [ ص: 310 ] ولو انهارت عقيب الحفر ، أو الحائط بعد بنائه وقبل تسليمه ، لم يبرأ من العمل . نص عليه أحمد ، في رواية ابن منصور . فإنه إذا قال : استعمل ألف لبنة في كذا وكذا . فعمل ، ثم سقط ، فله الكراء

                                                                                                                                            وأما الأجير الخاص فيستحق أجره بمضي المدة ، سواء تلف ما عمله أو لم يتلف . نص عليه أحمد ، فقال : إذا استأجره يوما ، فعمل ، وسقط عند الليل ما عمل ، فله الكراء ; وذلك لأنه إنما يلزمه تسليم نفسه ، وعمل ما يستعمل فيه ، وقد وجد ذلك منه ، بخلاف الأجير المشترك . ولو استأجر أجيرا ليبني له حائطا طوله عشرة أذرع ، فبنى بعضه ، فسقط ، لم يستحق شيئا حتى يتممه ، سواء كان في ملك المستأجر أو في غيره ; لأن الاستحقاق مشروط بإتمامه ، ولم يوجد

                                                                                                                                            قال أحمد : إذا قيل له : ارفع حائطا كذا وكذا ذراعا . فعليه أن يوفيه ، فإن سقط ، فعليه التمام . وكذا لو استأجره ليحفر له بئرا عمقها عشرة أذرع ، فحفر منها خمسة ، وانهار فيها تراب من جوانبها ، لم يستحق شيئا حتى يتمم حفرها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية