الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                مسألة : في أمثلة من الدور الحكمي : لو أذن لعبده : أن يتزوج بألف ، وضمن السيد الألف ثم باع العبد من الزوجة قبل الدخول بتلك الألف بعينها لم يصح البيع ; لأنا لو صححنا البيع ملكته ، وإذا ملكته بطل النكاح .

                وإذا بطل النكاح من قبلها سقط المهر ، وإذا سقط المهر : بطل الثمن ، وإذا بطل الثمن المعقود عليه بعينه بطل البيع ففي إجازة البيع إبطاله . [ ص: 384 ] قال أبو علي الزجاجي : ولهذه المسألة نظائر كثيرة .

                منها : لو شهد رجلان على رجل أنه أعتق عبديه : سالما وغانما ; فحكم بعتقهما ثم شهدا بفسق الشاهدين لم يقبل لأنها لو قبلت عادا رقيقين وإذا عادا رقيقين بطلت شهادتهما فقبول شهادتهما يؤدي إلى إبطالها ، فأبطلناها ومنها : لو مات وخلف ابنا وعبدين ، قيمتهما ألف . فأعتقهما الابن فشهدا على الميت بألف دينا لم تقبل شهادتهما ; لأنها لو قبلت ، عادا رقيقين ، فيكون في إجازة شهادتهما إبطالها .

                منها : لو مات عن أخ وعبدين ، فأعتقهما الأخ ، فشهدا بابن للميت ، لم تقبل ، لما ذكر . ومنها : لو زوج أمته من عبد ، وأعتقها في مرضه بعد قبض مهرها قبل الدخول ، ولا يخرج من الثلث إلا بضم المهر إلى التركة ، فلا يثبت لها خيار العتق لأنه لو ثبت وجب رد المهر ، فلا تخرج كلها من الثلث ، فلا تعتق كلها وإذا رق بعضها ، فلا خيار لها ففي إثبات الخيار لها إبطاله .

                ومنها : لو قال لأمته : إن زوجتك فأنت حرة فزوجها ، لم تعتق لأن في عتقها إبطاله ; لأنا لو قلنا بعتقها في ذلك اليوم بطل تزويجها ، وإذا بطل تزويجها بطل عتقها ، فثبت النكاح ولا عتق .

                قلت : ونظيرها ما لو قال ، إن بعتك فأنت حر ومنها : لو ادعى المقذوف بلوغ القاذف وأنكر ولا بينة ، لم يحلف القاذف أنه غير بالغ ; لأن في الحكم بيمينه إبطالها ; إذ اليمين من غير البالغ لا يعتد بها ومنها : لو دفع إلى رجل زكاة فاستغنى بها ، لم يسترجع منه لأن الاسترجاع منه يوجب دفعها ثانيا لأنه يصير فقيرا بالاسترجاع .

                قال الزجاجي : والأصل في هذه المسائل كلها قوله تعالى { ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا } فعير من نقض شيئا بعد أن أثبته ، فدل على أن كل ما أدى إثباته إلى نقضه باطل .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية