الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      2164 حدثنا عبد العزيز بن يحيى أبو الأصبغ حدثني محمد يعني ابن سلمة عن محمد بن إسحق عن أبان بن صالح عن مجاهد عن ابن عباس قال إن ابن عمر والله يغفر له أوهم إنما كان هذا الحي من الأنصار وهم أهل وثن مع هذا الحي من يهود وهم أهل كتاب وكانوا يرون لهم فضلا عليهم في العلم فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم وكان من أمر أهل الكتاب أن لا يأتوا النساء إلا على حرف وذلك أستر ما تكون المرأة فكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا بذلك من فعلهم وكان هذا الحي من قريش يشرحون النساء شرحا منكرا ويتلذذون منهن مقبلات ومدبرات ومستلقيات فلما قدم المهاجرون المدينة تزوج رجل منهم امرأة من الأنصار فذهب يصنع بها ذلك فأنكرته عليه وقالت إنما كنا نؤتى على حرف فاصنع ذلك وإلا فاجتنبني حتى شري أمرهما فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم أي مقبلات ومدبرات ومستلقيات يعني بذلك موضع الولد

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( إن ابن عمر والله يغفر له أوهم ) : قال الخطابي في المعالم : هكذا وقع في الروايات والصواب بغير ألف ، يقال وهم الرجل بكسر الهاء إذا غلط في الشيء ووهم مفتوحة الهاء إذا ذهب وهمه إلى الشيء وأوهم بالألف إذا أسقط من قراءته أو كلامه شيئا ، ويشبه أن يكون قد بلغ ابن عباس عن ابن عمر في تأويل الآية شيء خلاف ما كان يذهب إليه ابن عباس . انتهى ( وهم أهل وثن ) : الوثن هو كل ما له جثة معمولة من جواهر الأرض أو من الخشب أو الحجارة ، كصورة الآدمي ، والصنم الصورة بلا جثة ، وقيل هما سواء ( وكانوا ) : أي الحي من الأنصار ( يرون ) : أي يعتقدون ( لهم ) : أي ليهود ( فضلا عليهم في العلم ) : لأن اليهود كانوا أهل كتاب ( إلا على حرف ) : أي طرف يعني لا يجامعون إلا على طرف واحد وهي حالة الاستلقاء . وقال في المجمع : إلا على حرف أي جنب ( يشرحون النساء شرحا منكرا ) : قال الخطابي : أي يبسطون وأصل الشرح في اللغة البسط ، ومنه انشراح الصدر بالأمر وهو انفتاحه ، ومن هذا قولهم : شرحت المسألة إذا فتحت المغلق منها وبينت المشكل من معناها .

                                                                      قلت : قال في القاموس : شرح كمنع كشف ، فعلى هذا معنى قوله يشرحون النساء أي يكشفونهن وهو الظاهر ( يصنع بها ذلك ) : أي الشرح المتعارف بينهم ( حتى شري أمرهما ) : [ ص: 163 ] شري كرضي أي ارتفع وعظم وأصله من قولهم : شري البرق إذا لج في اللمعان . قاله الخطابي فأتوا حرثكم أنى شئتم : أي كيف شئتم ( أي مقبلات ومدبرات ومستلقيات ) : هذا تفسير لمعنى أنى ( يعني بذلك ) : أي بقوله حرثكم ( موضع الولد ) : وهو القبل .

                                                                      قال الخطابي : في الحديث بيان تحريم إتيان النساء في أدبارهن بغير موضع الولد مع ما جاء من النهي في سائر الأخبار انتهى .

                                                                      وقال النووي : اتفق العلماء الذين يعتد بهم على تحريم وطء المرأة في دبرها حائضا كانت أو طاهرا لأحاديث كثيرة مشهورة . قال أصحابنا : لا يحل الوطء في الدبر في شيء من الآدميين وغيرهم من الحيوان في حال من الأحوال انتهى .

                                                                      والحديث سكت عنه المنذري .




                                                                      الخدمات العلمية