الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في اشتراء سلعة غائبة قد رآها أو وصفت له ولا يشترط الصفقة ثم تموت السلعة قبل وجوب الصفقة قلت : أرأيت سلعة اشتريتها غائبة عني قد كنت رأيتها أو على الصفة أيجوز هذا ؟ قال : نعم .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : قلت لمالك : فإن فاتت السلعتان الموصوفة له والتي رأى ممن هما إذا كان فوتهما بعد وجوب الصفقة وقد فاتتا أو هما على حال ما كان يعرفان من صفة ما باعهما عليه أو رآهما ، فقال : قال لي مالك في أول ما لقيته : أراهما من المشتري إذا وقعت الصفقة عليهما وهما بحال الصفة التي وصفهما له إلا أن يشترط المبتاع على البائع أنهما منك حتى أقبضهما ، قال : ثم رجع فقال لي بعد : أراهما من البائع حتى يقبضهما المبتاع إلا أن يشترط البائع على المبتاع أنهما منك حين وجبت الصفقة وما كان فيهما من نماء أو نقصان فهو بسبيل ذلك على ما فسرت لك في قوله الأول والآخر فقال لي في قوله الأول هو من المبتاع وقال لي في قوله الآخر : هو من البائع .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : وأنا أرى أنه من البائع حتى يقبضها المبتاع الموت والنماء والنقصان ابن وهب .

                                                                                                                                                                                      قال الليث : كان يحيى بن سعيد يقول : من باع دابة غائبة أو متاعا غائبا على صفة لم يصلح أن يقبض البائع الثمن حتى يأخذ الدابة أو المتاع الذي اشترى ، ولكن يوقف الثمن فإن كانت الدابة أو المتاع على ما وصف تم بيعهما وأخذ الثمن ، وأخبرني عبد الجبار بن عمر أن ربيعة بن أبي عبد الرحمن حدثه قال : تبايع عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف فرسا غائبة وشرط إن كانت هذا اليوم حية فهي مني .

                                                                                                                                                                                      قال ابن جريج : قال ابن شهاب : كان عثمان وعبد الرحمن من أجد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيع ، فكان الناس يقولون : ليتهما قد تبايعا حتى ننظر أيهما أجد ، فابتاع عبد الرحمن من عثمان فرسا باثني عشر ألفا إن كانت هذه اليوم صحيحة فهي مني [ ص: 257 ] ولا أخال عبد الرحمن إلا وقد كان عرفها ، ثم إن عبد الرحمن قال لعثمان : هل لك أن أزيدك أربعة آلاف وهي منك حتى يقبضها رسولي ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم ، فزاده عبد الرحمن أربعة آلاف على ذلك فماتت وقدم رسول عبد الرحمن فعلم الناس أن عبد الرحمن أجد من عثمان ابن وهب .

                                                                                                                                                                                      قال يونس عن ابن شهاب بنحو ذلك قال : وإنه وجد الفرس حين خلع رسنها قد هلكت فكانت من البائع يونس ، أنه سأل ابن شهاب عن رجل باع وليدة بغلام والغلام غائب عنه فقبض المشتري الوليدة وانطلق ليبعث بالغلام إلى بائعه فوجد الغلام قد مات فبينما هو كذلك إذ ماتت الجارية قبل أن يبعث بها إلى صاحبها .

                                                                                                                                                                                      قال ابن شهاب : كان المسلمون يتبايعون الحيوان مما أدركت الصفقة حيا مجموعا فإن كان هذان الرجلان تبايعا بالعبد والوليدة على شرط المسلمين الذين كانوا يشترطون فلكل واحد منهما ما أدركت صفقته يوم تبايعا حيا وإن كانا تبايعا على أن يوفي كل واحد منهما صاحبه ما تبايعاه في هذين المملوكين فالبيع على هذا . ابن وهب ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، عن حمزة بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه أنه قال : ما أدركت الصفقة حيا مجموعا فهو على المبتاع .

                                                                                                                                                                                      قال الليث : قال ابن أبي جعفر عن ربيعة : لا بأس بأن يشتري الرجل غائبا مضمونا بصفة .

                                                                                                                                                                                      قال يحيى بن أيوب : قال يحيى بن سعيد في بيع الدابة الغائبة : إذا أدركتها الصفقة حية فليس بذلك بأس وعلى ذلك بيع الناس

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية