الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        1686 1687 - مالك ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس ، فيغفر لكل عبد مسلم لا يشرك بالله شيئا إلا رجل كانت بينه وبين أخيه شحناء ، فيقال أنظروا هذين حتى يصطلحا ، أنظروا هذين حتى يصطلحا " .

                                                                                                                        [ ص: 156 ] 1688 - مالك ، عن مسلم بن أبي مريم ، عن أبي صالح السمان ، عن أبي هريرة ، أنه قال : تعرض أعمال الناس كل جمعة مرتين يوم الاثنين ويوم الخميس ، فيغفر لكل عبد مؤمن ، إلا عبدا كانت بينه وبين أخيه شحناء ، فيقال اتركوا هذين حتى يفيئا ، أو اركوا هذين حتى يفيئا .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        39054 - قال أبو عمر : حديث سهيل مسند صحيح حسن ، وفيه فضل كبير ليوم الاثنين والخميس لما يفتح الله فيهما من الرحمة لعباده والمغفرة لذنوبهم .

                                                                                                                        39055 - وقد ذكرنا في كتاب الصيام ما جاء في أبواب الجنة وعدتها ، وذكرنا في كتاب الصلاة الآثار الدالة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها مخلوقة بعد .

                                                                                                                        39056 - وفي قول الله - عز وجل - : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) [ النساء : 48 ] .

                                                                                                                        39057 - وإجماع علماء المسلمين على أنه محكم ، لا يجوز النسخ عليه على ما يغني عن الاستدلال بأخبار الآحاد في معناه .

                                                                                                                        39058 - وفيه تعظيم ذنب المهاجرة والعداوة والشحناء لأهل الإيمان ، وهم الذين يأمنهم الناس على دمائهم وأموالهم وأعراضهم ، المصدقون بوعد الله ووعيده ، المجتنبون لكبائر الإثم والفواحش .

                                                                                                                        39059 - والعبد المسلم من وصفنا حاله ، ومن سلم المسلمون من لسانه ويده [ ص: 157 ] فهؤلاء لا يحل لأحد أن يهجرهم ، ولا أن يبغضهم ، بل محبتهم دين ، وموالاتهم زيادة في الإيمان ، واليقين .

                                                                                                                        39060 - وفي هذا الحديث دليل على أن الذنوب بين العباد إذا تساقطوها وغفرها بعضهم لبعض ، أو خرج بعضهم لبعض عما لزمه منها ، سقطت المطالبة من الله - عز وجل - بدليل قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث : " حتى يصطلحا ، فإذا اصطلحا ، غفر لهما " .

                                                                                                                        39061 - وأما حديث مسلم بن أبي مريم [ وهو موقوف عند جمهور رواة " الموطأ " .

                                                                                                                        39062 - وقد رواه ابن وهب ، عن مالك عن مسلم بن أبي مريم ] عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مسندا ، وهو الصحيح لأنه لا يقال مثله بالرأي ، ولا يدرك بالقياس .

                                                                                                                        39063 - وقد ذكرنا الطرق عن ابن وهب بما وصفنا في " التمهيد " .

                                                                                                                        39064 - والقول في معناه كالقول في حديث سهيل .

                                                                                                                        39065 - وأما قوله فيه : " أو اركوا هذين حتى يفيئا " . فقيل : " اركوا " معناه اتركوا . وقيل : معناه أخروا هذين ، يقال : وخر وأنظر هذا وأرج هذا ، [ ص: 158 ] وارك هذا . كل ذلك بمعنى واحد .

                                                                                                                        39066 - وأما قوله : " حتى يفيئا " فمعناه حتى يرجعا إلى ما عليه أهل المؤاخاة والمصافاة من الأخلاء والأولياء ، على ما كان عليه من قبل أن يتهاجرا .

                                                                                                                        39067 - والفيء الرجوع والمراجعة قال الله - عز وجل - : ( فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله ( [ الحجرات : 9 ] وقال في الذين يألون من نسائهم : ( فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم [ البقرة : 226 ] أي رجعوا إلى ما كانوا عليه من وطء أزواجهم ، وحنثوا أنفسهم في أيمانهم .




                                                                                                                        الخدمات العلمية