الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( ومن اشترى عدل زطي ولم يره فباع منه ثوبا أو وهبه وسلمه لم يرد شيئا منها إلا من عيب ، وكذلك خيار الشرط ) ; لأنه تعذر الرد فيما خرج عن ملكه ، وفي رد ما بقي تفريق الصفقة قبل التمام ; لأن خيار الرؤية والشرط يمنعان تمامها ، بخلاف خيار العيب لأن الصفقة تتم مع خيار العيب بعد القبض وإن كانت لا تتم قبله وفيه وضع المسألة . [ ص: 354 ] فلو عاد إليه بسبب هو فسخ فهو على خيار الرؤية ، كذا ذكره شمس الأئمة السرخسي . وعن أبي يوسف أنه لا يعود بعد سقوطه كخيار الشرط ، وعليه اعتمد القدوري .

التالي السابق


( قوله ومن اشترى عدل زطي لم يره وقبضه فباع ثوبا منه أو وهبه ) ثم رأى الباقي ( ليس له أن يرد شيئا منها إلا من عيب ) وكذا لو اشترى العدل المذكور على أن له الخيار ثلاثة أيام وهو شرط الخيار والباقي بحاله : أعني فباع بعضها أو وهبه سقط خياره في الباقي وليس له أن يرد بخيار الشرط بل إن اطلع على عيب ، وهذا ( لأنه تعذر الرد فيما أخرجه عن ملكه ) فلو رد الباقي فقط كان تفريقا للصفقة على البائع قبل التمام ، لما مر من .

( أن ) قيام ( خيار الرؤية والشرط يمنع تمامها ) وإن كان بعد القبض ( بخلاف خيار العيب فإن الصفقة تتم معه بعد القبض ، وفيه ) أي في المقبوض ( وضع المسألة ) ; لأنها لو لم تكن مقيدة به لم تصح صورتها إذ لا يصح بيع ما لم يقبض وهبته ; ولأنه لو كان قبل القبض كانت الخيارات كلها سواء وهو أنه لا يرد أحدهما بل يردهما بخيار الرؤية إن شاء فلا يصح حينئذ قوله إلا من عيب ; لأنه إذا اشترى شيئين ولم يقبضهما حتى وجد بأحدهما عيبا لا يرد المعيب خاصة بل يردهما إن شاء .

لا يقال : في عدم رد الباقي عند رؤيته ترك العمل بحديث الخيار لحديث النهي عن تفريق الصفقة مع أنه متروك الظاهر فإن تفريقها جائز بعد تمامها وحديث الخيار أقوى .

قلنا : لم نقل بعدم رده مطلقا ، بل قلنا : إذا رده يرد معه الآخر ، فزدنا شرطا في الرد [ ص: 354 ] عملا بحديث الصفقة لنكون عاملين بالحديثين معا جمعا بينهما .

والعدل : المثل ، والمراد هنا الغرارة التي هي عدل غرارة أخرى على الجمل أو نحوه : أي يعادلها وفيها أثواب . والزط في المغرب : جيل من الهند تنسب إليهم الثياب الزطية ، وقيل جيل بسواد العراق . وذكر الضمير في قوله فباع منه على لفظ العدل ثم أنثه في قوله لم يرد شيئا منها على معناه ، فكان نظير قوله تعالى { وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون } هذا ( ولو عاد ) الثوب الذي باعه من العدل أو وهبه ( إلى المشتري بسبب هو فسخ ) محض كالرد بخيار الرؤية أو الشرط أو العيب بالقضاء أو الرجوع في الهبة ( فهو ) أي المشتري للعدل ( على خياره ) أي خيار الرؤية فله أن يرد الكل حينئذ بخيار الرؤية لارتفاع المانع من الأصل وهو تفريق الصفقة ( كذا ذكره شمس الأئمة السرخسي وعن أبي يوسف ) .

وهو رواية علي بن الجعد عنه ( أنه ) أي خيار الرؤية ( لا يعود ) ; لأن الساقط لا يعود ( كخيار الشرط ) إلا بسبب جديد ، وصححه قاضي خان ( وعليه اعتمد القدوري ) وحقيقة الملحظ مختلف ، فشمس الأئمة لحظ البيع والهبة مانعا زال فيعمل المقتضي وهو خيار الرؤية عمله ، ولحظ على هذه الرواية مسقطا ، وإذا سقط لا يعود بلا سبب وهذا أوجه ; لأن نفس هذا التصرف يدل على الرضا ويبطل الخيار قبل الرؤية وبعدها ، والله الموفق .




الخدمات العلمية