الصفة الخامسة: قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=5والذين هم لفروجهم حافظون nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=6إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين ) وفيه سؤالات:
السؤال الأول: لم لم يقل : إلا عن أزواجهم؟ الجواب: قال
الفراء : معناه : إلا من أزواجهم، وذكر صاحب "الكشاف" فيه ثلاثة أوجه.
أحدها: أنه في موضع الحال ؛ أي: إلا والين على أزواجهم أو قوامين عليهن ، من قولك: كان فلان على فلانة، ونظيره كان
زياد على
البصرة ؛ أي واليا عليها، ومنه قولهم: فلانة تحت فلان ، ومن ثم
[ ص: 71 ] سميت المرأة فراشا. والمعنى أنهم
nindex.php?page=treesubj&link=19513_24130_33368لفروجهم حافظون في كافة الأحوال إلا في حال تزويجهم أو تسريهم .
وثانيها: أنه متعلق بمحذوف يدل عليه (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=6غير ملومين ) كأنه قيل: يلامون إلا على أزواجهم ؛ أي: يلامون على كل مباشرة إلا على ما أطلق لهم فإنهم غير ملومين عليه ، وهو قول
الزجاج .
وثالثها: أن تجعله صلة لـ (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=5حافظون ).
السؤال الثاني: هلا قيل : من ملكت؟ الجواب: لأنه اجتمع في السرية وصفان، أحدهما: الأنوثة وهي مظنة نقصان العقل، والآخر كونها بحيث تباع وتشترى كسائر السلع، فلاجتماع هذين الوصفين فيها جعلت كأنها ليست من العقلاء.
السؤال الثالث: هذه الآية تدل على
nindex.php?page=treesubj&link=10926تحريم المتعة على ما يروى عن
nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد؟ الجواب: نعم, وتقريره أنها ليست زوجة له فوجب أن لا تحل له، وإنما قلنا: إنها ليست زوجة له; لأنهما لا يتوارثان بالإجماع، ولو كانت زوجة له لحصل التوارث لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12ولكم نصف ما ترك أزواجكم ) [النساء: 12] وإذا ثبت أنها ليست بزوجة له وجب أن لا تحل له لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=6إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ) وهو أعلم.
السؤال الرابع: أليس لا يحل له في الزوجة وملك اليمين الاستمتاع في أحوال كحال الحيض وحال العدة، وفي الأمة حال تزويجها من الغير وحال عدتها، وكذا الغلام داخل في ظاهر قوله تعالى: (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=6أو ما ملكت أيمانهم ) والجواب من وجهين.
أحدهما: أن مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله أن الاستثناء من النفي لا يكون إثباتا، واحتج عليه بقوله عليه السلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013293nindex.php?page=treesubj&link=4_8لا صلاة إلا بطهور، ولا نكاح إلا بولي " فإن ذلك لا يقتضي حصول الصلاة بمجرد حصول الطهور، وحصول النكاح بمجرد حصول الولي. وفائدة الاستثناء صرف الحكم لا صرف المحكوم به, فقوله: (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=5والذين هم لفروجهم حافظون nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=6إلا على أزواجهم ) معناه أنه يجب حفظ الفروج عن الكل إلا في هاتين الصورتين فإني ما ذكرت حكمهما لا بالنفي ولا بالإثبات.
الثاني: أنا إن سلمنا أن الاستثناء من النفي إثبات، فغايته أنه عام دخله التخصيص بالدليل فيبقى فيما وراءه حجة.
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=7فأولئك هم العادون ) يعني الكاملون في العدوان المتناهون فيه.
الصِّفَةُ الْخَامِسَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=5وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=6إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ) وَفِيهِ سُؤَالَاتٌ:
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ: لِمَ لَمْ يَقُلْ : إِلَّا عَنْ أَزْوَاجِهِمْ؟ الْجَوَابُ: قَالَ
الْفَرَّاءُ : مَعْنَاهُ : إِلَّا مِنْ أَزْوَاجِهِمْ، وَذَكَرَ صَاحِبُ "الْكَشَّافِ" فِيهِ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ.
أَحَدُهَا: أَنَّهُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ ؛ أَيْ: إِلَّا وَالِينَ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ قَوَّامِينَ عَلَيْهِنَّ ، مِنْ قَوْلِكَ: كَانَ فُلَانٌ عَلَى فُلَانَةٍ، وَنَظِيرُهُ كَانَ
زِيَادٌ عَلَى
الْبَصْرَةِ ؛ أَيْ وَالِيًا عَلَيْهَا، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: فُلَانَةٌ تَحْتَ فُلَانٍ ، وَمِنْ ثَمَّ
[ ص: 71 ] سُمِّيَتِ الْمَرْأَةُ فِرَاشًا. وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ
nindex.php?page=treesubj&link=19513_24130_33368لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ فِي كَافَّةِ الْأَحْوَالِ إِلَّا فِي حَالِ تَزْوِيجِهِمْ أَوْ تَسَرِّيهِمْ .
وَثَانِيهَا: أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=6غَيْرُ مَلُومِينَ ) كَأَنَّهُ قِيلَ: يُلَامُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ ؛ أَيْ: يُلَامُونَ عَلَى كُلِّ مُبَاشَرَةٍ إِلَّا عَلَى مَا أُطْلِقَ لَهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ عَلَيْهِ ، وَهُوَ قَوْلُ
الزَّجَّاجِ .
وَثَالِثُهَا: أَنْ تَجْعَلَهُ صِلَةً لِـ (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=5حَافِظُونَ ).
السُّؤَالُ الثَّانِي: هَلَّا قِيلَ : مَنْ مَلَكَتْ؟ الْجَوَابُ: لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِي السُّرِّيَّةِ وَصْفَانِ، أَحَدُهُمَا: الْأُنُوثَةُ وَهِيَ مَظِنَّةُ نُقْصَانِ الْعَقْلِ، وَالْآخَرُ كَوْنُهَا بِحَيْثُ تُبَاعُ وَتُشْتَرَى كَسَائِرِ السِّلَعِ، فَلِاجْتِمَاعِ هَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ فِيهَا جُعِلَتْ كَأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ الْعُقَلَاءِ.
السُّؤَالُ الثَّالِثُ: هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=10926تَحْرِيمِ الْمُتْعَةِ عَلَى مَا يُرْوَى عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14946الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ؟ الْجَوَابُ: نَعَمْ, وَتَقْرِيرُهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَةً لَهُ فَوَجَبَ أَنْ لَا تَحِلَّ لَهُ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَةً لَهُ; لِأَنَّهُمَا لَا يَتَوَارَثَانِ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَوْ كَانَتْ زَوْجَةً لَهُ لَحَصَلَ التَّوَارُثُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ ) [النِّسَاءِ: 12] وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِزَوْجَةٍ لَهُ وَجَبَ أَنْ لَا تَحِلَّ لَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=6إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ ) وَهُوَ أَعْلَمُ.
السُّؤَالُ الرَّابِعُ: أَلَيْسَ لَا يَحِلُّ لَهُ فِي الزَّوْجَةِ وَمِلْكِ الْيَمِينِ الِاسْتِمْتَاعُ فِي أَحْوَالٍ كَحَالِ الْحَيْضِ وَحَالِ الْعِدَّةِ، وَفِي الْأَمَةِ حَالَ تَزْوِيجِهَا مِنَ الْغَيْرِ وَحَالَ عِدَّتِهَا، وَكَذَا الْغُلَامُ دَاخِلٌ فِي ظَاهِرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=6أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ ) وَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: أَنَّ مَذْهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنَ النَّفْيِ لَا يَكُونُ إِثْبَاتًا، وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013293nindex.php?page=treesubj&link=4_8لَا صَلَاةَ إِلَّا بِطُهُورٍ، وَلَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ " فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَقْتَضِي حُصُولَ الصَّلَاةِ بِمُجَرَّدِ حُصُولِ الطُّهُورِ، وَحُصُولَ النِّكَاحِ بِمُجَرَّدِ حُصُولِ الْوَلِيِّ. وَفَائِدَةُ الِاسْتِثْنَاءِ صَرْفُ الْحُكْمِ لَا صَرْفُ الْمَحْكُومِ بِهِ, فَقَوْلُهُ: (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=5وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=6إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَجِبُ حِفْظُ الْفُرُوجِ عَنِ الْكُلِّ إِلَّا فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ فَإِنِّي مَا ذَكَرْتُ حُكْمَهُمَا لَا بِالنَّفْيِ وَلَا بِالْإِثْبَاتِ.
الثَّانِي: أَنَّا إِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنَ النَّفْيِ إِثْبَاتٌ، فَغَايَتُهُ أَنَّهُ عَامٌّ دَخَلَهُ التَّخْصِيصُ بِالدَّلِيلِ فَيَبْقَى فِيمَا وَرَاءَهُ حُجَّةً.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=7فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ) يَعْنِي الْكَامِلُونَ فِي الْعُدْوَانِ الْمُتَنَاهُونَ فِيهِ.