الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( لأهل لم يكذبه )

                                                                                                                            ش : احترز بقوله لم يكذبه مما إذا قال : لا أعلم لي عليك شيئا ، ثم رجع فقال : نعم لي عليك فأنكر المقر ، فإنه لا ينفعه إنكاره .

                                                                                                                            نقله ابن عرفة عن النوادر ونص النوادر من أقر أن لفلان عليه ألف درهم فقال : ما لي عليك شيء فقد برئ بذلك فإن أعاد المقر الإقرار بالألف فقال الآخر أجل هي لي عليك أخذته بها قال سحنون : إذا قال لك علي ألف درهم فقال الآخر : ما لي عليك شيء ، ثم رجع فقال : هي لي عليك فأنكرها المقر فالمقر مصدق ، ولا شيء للطالب ، ولكن إن قال الطالب : ما أعلم لي عليك شيئا ، ثم قال نعم هي لي عليك فأنكر المقر ، فههنا يلزمه اليمين ولا ينفعه إنكاره ، وإن قال هذه الجارية غصبتها من فلان فقال فلان : ليست لي لم يلزم المقر شيء فإن أعاد الإقرار فادعاها الطالب دفعت إليه ، ولو قال هذا العبد لك فقال الآخر هو ليس لي ، ثم قال هو لي قبل أن يعيد المقر الإقرار لم يكن له العبد ولم تقبل بينته عليه إن أقامها ; لأنه برئ منه انتهى . وحصل ابن رشد في ذلك ثلاثة أقوال ونصه إثر قول العتبية في رسم يوصى من سماع عيسى من الدعوى والصلح وسئل عن الرجل يقول للرجل المائة دينار التي استودعتكها فيقول ما استودعتنيها ولكن [ ص: 219 ] أعطيتنيها قراضا ، وهذه مائة دينار ربحت فيها فلك منها خمسون فأبى أن يأخذ الخمسين قال : إن أبى أن يأخذها حبسها واستأنى سنين لعله أن يأخذها فإن أبى أن يأخذها تصدق بها قيل له إن مات فأحب ورثته أن يأخذوها قال : يأخذونها إن شاءوا إذا أحب المقر أن يدفعها إليهم قلت ولا يقضى عليه بدفعها إلى ورثته قال : لا يقضى عليه بدفعها إليهم قال ابن رشد : هذه مسألة يتحصل فيها ثلاثة أقوال .

                                                                                                                            أحدها : أنه ليس له أن يأخذ الخمسين التي أقر بها إلا أن يكذب نفسه ويرجع إلى تصديقه وهو الذي يأتي على ما لابن القاسم في كتاب الرهون من المدونة وما لأشهب في كتاب إرخاء الستور منها ، وهو أحد قولي سحنون والثاني : أنه ليس له أن يأخذ الخمسين وإن رجع إلى تصديقه ، وكذب نفسه إلا أن يشاء أن يدفعها إليه باختياره ، وهو ظاهر قول ابن القاسم ههنا ، وفي ورثته إن مات ونص ما في رسم لم يدرك من سماع عيسى من كتاب النكاح .

                                                                                                                            والثالث أن له أن يأخذها وإن كان مقيما على الإنكار وهو قول سحنون في نوازله من كتاب الاستلحاق وإنما يكون له على القول بأن يأخذها إن كذب نفسه ورجع إلى تصديق صاحبه ما لم يسبقه صاحبه بالرجوع إلى قوله وتكذيب نفسه فتحصل من القول أن من سبق منهما بالرجوع إلى قول صاحبه كانت له الخمسون دون يمين وبالله التوفيق انتهى . وانظر آخر كتاب السرقة من المدونة فيمن أقر أنه سرق فلانا وكذبه ، ومسألة إرخاء الستور والنكاح الثالث فيما إذا أقر الزوج بالوطء وأنكرته المرأة ومسألة كتاب الرهون في اختلاف البائع والمبتاع في الأجل والثمن ( مسألة ) : قال في الذخيرة في كتاب الدعوى فرع : قال أشهب إن قلت بعتك هذا العبد ودبرته وأنكر لزمك التدبير وتأخذ الثمن من خدمته التي تدعي إلا أن يقر فتعطيه ما بقي منه فإن استوفيت بقي مدبرا مؤاخذة لك بإقرارك فإن مت وهو يخرج من الثلث عتق وإن كان عليك دين انتهى والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية