الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المكتبة الإسلامية

الرئيسية
المكتبة الإسلامية

تفسير الألوسي

الألوسي - محمود شهاب الدين أبو الثناء الألوسي

صفحة

جزء

ومن نعمره أي نطل عمره ننكسه في الخلق نقلبه فيه فلا يزال يتزايد ضعفه وانتقاص بنيته وقواه عكس ما كان عليه بدء أمره، وفيه تشبيه التنكيس المعنوي بالتنكيس الحسي واستعارة الحسي له، وعن سفيان أن التنكيس في سن ثمانين سنة، والحق أن زمان ابتداء الضعف وانتقاص البنية مختلف لاختلاف الأمزجة والعوارض كما لا يخفى.

والكلام عطف على قوله تعالى ولو نشاء لطمسنا إلخ عطف العلة على المعلول لأنه كالشاهد لذلك.

وقرأ جمع من السبعة "ننكسه" مخففا من الإنكاس أفلا يعقلون أي أيرون ذلك فلا يعقلون أن من قدر على ذلك قدر على ما ذكر من الطمس والمسخ وأن عدم إيقاعهما لعدم تعلق مشيئته تعالى بهما.

وقرأ نافع وابن ذكوان وأبو عمرو في رواية عياش "تعقلون" بتاء الخطاب لجري الخطاب قبله.

وَمَنْ نُعَمِّرْهُ أَيْ نُطِلْ عُمْرَهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ نُقَلِّبُهُ فِيهِ فَلَا يَزَالُ يَتَزَايَدُ ضَعْفُهُ وَانْتِقَاصُ بَنَيْتِهِ وَقُوَاهُ عَكْسَ مَا كَانَ عَلَيْهِ بَدْءُ أَمْرِهِ، وَفِيهِ تَشْبِيهُ التَّنْكِيسِ الْمَعْنَوِيُّ بِالتَّنْكِيسِ الْحِسِّيِّ وَاسْتِعَارَةِ الْحِسِّيِّ لَهُ، وَعَنْ سُفْيَانَ أَنَّ التَّنْكِيسَ فِي سَنِّ ثَمَانِينَ سَنَةً، وَالْحَقُّ أَنَّ زَمَانَ ابْتِدَاءِ الضَّعْفِ وَانْتِقَاصِ الْبِنْيَةِ مُخْتَلِفٌ لِاخْتِلَافِ الْأَمْزِجَةِ وَالْعَوَارِضِ كَمَا لَا يَخْفَى.

وَالْكَلَامُ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا إِلَخْ عَطْفَ الْعِلَّةِ عَلَى الْمَعْلُولِ لِأَنَّهُ كَالشَّاهِدِ لِذَلِكَ.

وَقَرَأَ جَمْعٌ مِنَ السَّبْعَةِ "نُنْكِسْهُ" مُخَفَّفًا مِنَ الْإِنْكَاسِ أَفَلا يَعْقِلُونَ أَيْ أَيَرُونَ ذَلِكَ فَلَا يَعْقِلُونَ أَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ قَدَرَ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنَ الطَّمْسِ وَالْمَسْخِ وَأَنَّ عَدَمَ إِيقَاعِهِمَا لِعَدَمِ تَعَلُّقِ مَشِيئَتِهِ تَعَالَى بِهِمَا.

وَقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ ذَكْوَانَ وَأَبُو عَمْرٍو فِي رِوَايَةِ عَيَّاشٍ "تَعْقِلُونَ" بِتَاءِ الْخِطَابِ لِجِرْيِ الْخِطَابِ قَبْلَهُ.

التالي السابق

الخدمات العلمية

تفسير الآية ترجمة علم عناوين الشجرة تخريج حديث