الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 391 ] فصل فيما دون النفس .

                                                                                                        قال : ( وفي النفس الدية ) وقد ذكرناه .

                                                                                                        قال : ( وفي المارن الدية ، وفي اللسان الدية ، وفي الذكر الدية ) والأصل فيه ما روى سعيد بن المسيب رضي الله عنه { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : في النفس الدية ، وفي اللسان الدية ، وفي المارن الدية }وهكذا هو في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم رضي الله عنه والأصل في الأطراف أنه إذا فوت جنس المنفعة على الكمال أو أزال جمالا مقصودا في الآدمي على الكمال يجب كل الدية لإتلافه النفس من وجه وهو ملحق بالإتلاف من كل وجه تعظيما للآدمي ، وأصله { قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدية كلها في اللسان والأنف } ، وعلى هذا تنسحب فروع كثيرة .

                                                                                                        فنقول : في الأنف الدية لأنه أزال الجمال على الكمال وهو مقصود ، وكذا إذا قطع المارن أو الأرنبة لما ذكرنا ، ولو قطع المارن مع القصبة لا يزاد على دية واحدة لأنه عضو واحد ، وكذا اللسان لفوات منفعة مقصودة وهو النطق ، وكذا في قطع بعضه إذا منع الكلام لتفويت منفعة مقصودة وإن كانت الآلة [ ص: 392 ] قائمة ، ولو قدر على التكلم ببعض الحروف ، قيل تقسم على عدد الحروف ، وقيل على عدد حروف تتعلق باللسان ، فبقدر ما لا يقدر تجب ، وقيل : إن قدر على أداء أكثرها تجب حكومة عدل ، لحصول الإفهام مع الاختلاف ، وإن عجز عن أداء الأكثر يجب كل الدية لأن الظاهر أنه لا تحصل منفعة الكلام ، وكذا الذكر لأنه يفوت به منفعة الوطء ، والإيلاد ، واستمساك البول ، والرمي به ، ودفق الماء ، والإيلاج الذي هو طريق الإعلاق عادة ، وكذا في الحشفة الدية كاملة لأن الحشفة أصل في منفعة الإيلاج والدفق والقصبة كالتابع له .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        فصل فيما دون النفس [ ص: 392 ]

                                                                                                        الحديث العاشر : روى سعيد بن المسيب أنه عليه السلام قال : { في النفس الدية ، وفي اللسان الدية ، وفي المارن الدية } ، وهكذا هو في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم ; قلت : غريب ، وأعاده المصنف قريبا بأتم منه ، فحديث سعيد لم أجده ، وأما كتاب عمرو بن حزم ، فأخرجه النسائي في " سننه " ، وأبو داود في " مراسيله " عن سليمان بن أرقم عن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن حزم عن أبيه عن جده { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب كتابا إلى أهل اليمن فيه الفرائض ، والسنن ، والديات ، وبعث به مع عمرو بن حزم ، فقرأ على أهل اليمن ، هذه نسختها : من محمد النبي صلى الله عليه وسلم إلى شرحبيل بن عبد كلال ونعيم بن عبد كلال ، قيل : ذي رعين ، ومعافر ، وهمدان ، أما بعد ، وكان في كتابته أن من اعتبط مؤمنا قتلا عن بينة ، فإنه قود ، إلا أن يرضى أولياء المقتول ، وأن في النفس الدية مائة من الإبل ، وفي الأنف إذا استوعب جدعه الدية ، وفي اللسان الدية ، وفي الشفتين الدية ، وفي البيضتين الدية ، وفي الذكر الدية ، وفي الصلب الدية ، وفي العينين الدية ، وفي العين الواحدة نصف الدية ، وفي اليد الواحدة نصف الدية ، وفي الرجل الواحدة نصف الدية وفي المأمومة ثلث الدية ، وفي الجائفة ثلث الدية ، وفي المنقلة خمس عشرة من الإبل ، وفي كل أصبع من أصابع اليد والرجل عشرة من الإبل ، وفي السن خمس من الإبل ، وفي الموضحة خمس من الإبل ، وإن الرجل يقتل بالمرأة ، وعلى أهل الذهب ألف دينار }انتهى . وروياه أيضا من طريق [ ص: 393 ] ابن وهب أخبرني يونس عن الزهري { أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب كتابا } ، الحديث ; ليس فيه أبو بكر ، ولا أبوه ، ولا جده ، وأخرجه أبو داود أيضا عن سليمان بن داود الخولاني عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده ، فذكره ، وكذلك رواه ابن حبان في " صحيحه " ، والحاكم في " المستدرك " ، وقال : إسناده صحيح ، وهو قاعدة من قواعد الإسلام انتهى .

                                                                                                        وقد تقدم بطوله في " الصدقات في كتاب الزكاة " ، ورواه عبد الرزاق في " مصنفه " ثنا معمر عن عبد الله بن أبي بكر به مسندا ، ومن طريقه رواه الدارقطني في " سننه " وأخرجه الدارقطني أيضا عن محمد بن عمارة عن أبي بكر به مسندا .

                                                                                                        وعن يحيى بن سعيد عن أبي بكر به أيضا مسندا .

                                                                                                        ما جاء في " اللسان " تقدم في " كتاب عمرو بن حزم " : { وفي اللسان الدية }; وروى ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا وكيع عن ابن أبي ليلى عن عكرمة بن خالد عن رجل من آل عمر ، قال : { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : في اللسان الدية كاملة }انتهى . حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن أشعث عن الزهري ، قال : { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : في اللسان إذا استؤصل الدية كاملة }انتهى .

                                                                                                        حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن محمد بن إسحاق عن مكحول ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه ، وأخرج ابن عدي في " الكامل " عن محمد بن عبيد الله العرزمي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { في اللسان الدية إذا منع الكلام ، وفي الذكر الدية إذا قطعت الحشفة ، وفي الشفتين الدية }انتهى .

                                                                                                        قال ابن عدي : هذا غريب المتن ، لا يروى إلا من هذه الطريق ، وضعف العرزمي ، وقال : إن عامة ما يرويه غير محفوظ انتهى .

                                                                                                        وأخرج البيهقي عن الزهري عن سعيد بن المسيب ، قال : مضت السنة بأن في اللسان الدية انتهى .

                                                                                                        ما جاء في " المارن " : روى عبد الرزاق في " مصنفه " أخبرنا ابن جريج عن ابن طاوس ، قال في الكتاب الذي عندهم { عن النبي صلى الله عليه وسلم : في الأنف إذا قطع مارنه الدية }انتهى .

                                                                                                        وروى ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا وكيع ثنا ابن أبي ليلى عن عكرمة بن خالد [ ص: 394 ] عن رجل من آل عمر ، قال : { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : في الأنف إذا استوصل مارنه الدية }انتهى . حدثنا ابن إدريس عن محمد بن عمارة عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، قال : { كان في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم : في الأنف إذا استوعب مارنه الدية } ، انتهى .

                                                                                                        ما جاء في " الذكر " قال ابن أبي شيبة أيضا حدثنا وكيع ثنا ابن أبي ليلى عن عكرمة بن خالد عن رجل من آل عمر { عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : في الذكر الدية }انتهى . حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن أشعث عن الزهري { أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في الذكر الدية مائة من الإبل إذا استؤصل أو قطعت حشفته }انتهى . وتقدم عند ابن عدي من طريق العرزمي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا : { وفي الذكر الدية } ، وفي مراسيل أبي داود عن مكحول { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : في اللسان الدية }انتهى . وتقدم أيضا في " كتاب عمرو بن حزم " : { وفي الذكر الدية }; وأخرج البيهقي عن ابن المسيب ، قال : مضت السنة في العقل ، بأن في الذكر الدية ، وفي الأنثيين الدية .




                                                                                                        الخدمات العلمية