الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء في تسع آيات إلى فرعون وقومه إنهم كانوا قوما فاسقين ( 12 ) فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين ( 13 ) وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين ( 14 ) ولقد آتينا داود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين ( 15 ) وورث سليمان داود وقال ياأيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين ( 16 ) وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون ( 17 ) حتى إذا أتوا على وادي النمل قالت نملة ياأيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون ( 18 ) فتبسم ضاحكا من قولها وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين ( 19 ) ) قوله تعالى : ( بيضاء ) : حال . و " من غير سوء " حال أخرى . و " في تسع " حال ثالثة ، والتقدير : آية في تسع آيات .

و ( إلى ) : متعلقة بمحذوف ، تقديره : مرسلا إلى فرعون .

ويجوز أن يكون صفة لتسع ، أو لآيات ؛ أي واصلة إلى فرعون .

و ( مبصرة ) : حال ، ويقرأ بفتح الميم والصاد ، وهو مصدر مفعول له ؛ أي تبصرة .

و " ظلما " : حال من الضمير في " جحدوا " ويجوز أن يكون مفعولا من أجله .

ويقرأ : " غلوا " بالغين المعجمة ؛ والمعنى متقارب .

و ( كيف ) : خبر كان ، و ( عاقبة ) اسمها .

و ( من الجن ) : حال من " جنوده " .

و ( نملة ) : بسكون الميم وضمها لغتان .

( ادخلوا ) : أتى بضمير من يعقل ؛ لأنه وصفها بصفة من يعقل .

( لا يحطمنكم ) : نهي مستأنف .

وقيل : هو جواب الأمر ؛ وهو ضعيف ؛ لأن جواب الأمر لا يؤكد بالنون في الاختيار .

[ ص: 279 ] و ( ضاحكا ) : حال مؤكدة . وقيل : مقدرة ؛ لأن التبسم مبدأ الضحك .

ويقرأ " ضحكا " على أنه مصدر ؛ والعامل فيه تبسم ؛ لأنه بمعنى ضحك ؛ ويجوز أن يكون اسم فاعل مثل نصب ؛ لأن ماضيه ضحك ، وهو لازم .

قال تعالى : ( لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين ( 21 ) فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبإ بنبإ يقين ( 22 ) إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم ( 23 ) ) قوله تعالى : ( عذابا ) : أي تعذيبا .

( فمكث ) بفتح الكاف وضمها لغتان .

( غير بعيد ) : أي مكانا غير بعيد ، أو وقتا أو مكثا ؛ وفي الكلام حذف ؛ أي فجاء .

و ( سبأ ) : بالتنوين على أنه اسم رجل أو بلد ، وبغير تنوين على أنها بقعة أو قبيلة .

( وأوتيت ) : يجوز أن يكون حالا ، " وقد " مقدرة ، وأن يكون معطوفا ؛ لأن " تملكهم " بمعنى ملكتهم .

قال تعالى : ( ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون ( 25 ) ) .

قوله تعالى : ( ألا يسجدوا ) : في " لا " وجهان :

أحدهما : ليست زائدة ، وموضع الكلام نصب بدلا من " أعمالهم " أو رفع على تقدير : هي ألا يسجدوا . والثاني : هي زائدة ، وموضعه نصب بـ " يهتدون " أي لا يهتدون لأن يسجدوا ؛ أو جر على إرادة الجار .

ويجوز أن يكون بدلا من السبيل ؛ أي وصدهم عن أن يسجدوا .

ويقرأ : ألا اسجدوا ، فألا تنبيه ، ويا : نداء ، والمنادى محذوف ؛ أي يا قوم ، اسجدوا .

[ ص: 280 ] وقال جماعة من المحققين : دخل حرف التنبيه على الفعل من غير تقدير حذف ؛ كما دخل في " هلم " .

التالي السابق


الخدمات العلمية