الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا قال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون ( 29 ) ) .

والجذوة - بالكسر والفتح والضم لغات ، وقد قرئ بهن .

قال تعالى : ( فلما أتاها نودي من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين ( 30 ) ) .

قوله تعالى : ( أن ياموسى ) : أن مفسرة ؛ لأن النداء قول ، والتقدير : أي يا موسى .

وقيل : هي المخففة ، والتقدير : بأن يا موسى .

قال تعالى : ( اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء واضمم إليك جناحك من الرهب فذانك برهانان من ربك إلى فرعون وملئه إنهم كانوا قوما فاسقين ( 32 ) قال رب إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون ( 33 ) وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءا يصدقني إني أخاف أن يكذبون ( 34 ) ) قوله تعالى : ( من الرهب ) : " من " متعلقة بولى ؛ أي هرب من الفزع . وقيل : بـ " مدبرا " .

وقيل : بمحذوف ؛ أي يسكن من الرهب . وقيل : باضمم ، أي من أجل الرهب . والرهب بفتح الراء والهاء ، وبفتح الراء وإسكان الهاء ، وبضم الراء وسكون الهاء لغات ، وقد قرئ بهن .

( فذانك ) : بتخفيف النون وتشديدها ؛ وقد بين في ( واللذان يأتيانها ) [ النساء : 16 ] . وقرئ شاذا " فذانيك " بتخفيف النون وياء بعدها ، قيل : هي بدل من إحدى النونين . وقيل : نشأت عن الإشباع . و ( إلى ) : متعلقة بمحذوف ؛ أي مرسلا إلى [ ص: 291 ] فرعون . و ( ردءا ) : حال . ويقرأ بإلقاء حركة الهمزة على الراء وحذفها . و ( يصدقني ) : بالجزم على الجواب ، وبالرفع صفة لردءا ، أو حالا من الضمير فيه .

قال تعالى : ( قال سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون ( 35 ) فلما جاءهم موسى بآياتنا بينات قالوا ما هذا إلا سحر مفترى وما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين ( 36 ) وقال موسى ربي أعلم بمن جاء بالهدى من عنده ومن تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون ( 37 ) ) .

قوله تعالى : ( بآياتنا ) : يجوز أن يتعلق بيصلون ، وأن يتعلق بـ " الغالبون " .

و ( تكون ) : بالتاء : على تأنيث العاقبة ، وبالياء ؛ لأن التأنيث غير حقيقي .

ويجوز أن يكون فيها ضمير يعود على " من " .

و ( له عاقبة . . . ) : جملة في موضع خبر كان . أو تكون تامة ، فتكون الجملة حالا .

قال تعالى : ( وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون ( 41 ) وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين ( 42 ) ) .

قوله تعالى : ( ويوم القيامة ) الثانية فيه أربعة أوجه ؛ أحدها : هو معطوف على موضع " في هذه " ؛ أي وأتبعناهم يوم القيامة . والثاني : أن يكون على حذف المضاف ؛ أي وأتبعناهم لعنة يوم القيامة . والثالث : أن يكون منصوبا بـ " المقبوحين " على أن تكون الألف واللام للتعريف ، لا بمعنى الذي . والرابع : أن يكون على التبيين ؛ أي وقبحوا يوم القيامة ، ثم فسر بالصلة .

قال تعالى : ( ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر للناس وهدى ورحمة لعلهم يتذكرون ( 43 ) )

قوله تعالى : ( بصائر ) : حال من الكتاب ، أو مفعول له ؛ وكذلك " هدى ورحمة " .

التالي السابق


الخدمات العلمية