الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 465 ) فصل : ولا تخلو الناسية من أن تكون جاهلة بشهرها ، أو عالمة به ، فإن كانت جاهلة بشهرها ، رددناها إلى الشهر الهلالي ، فحيضناها في كل شهر حيضة ; لحديث حمنة ; ولأنه الغالب ، فترد إليه ، كردها إلى الست والسبع . وإن كانت عالمة بشهرها ، حيضناها في كل شهر من شهورها حيضة ; لأن ذلك عادتها ، فترد إليها ، كما ترد المعتادة إلى عادتها في عدد الأيام ، إلا أنها متى كان شهرها أقل من عشرين يوما ، لم نحيضها منه أكثر من الفاضل عن ثلاثة عشر يوما ، أو خمسة عشر يوما ; لأنها لو حاضت أكثر من ذلك ، لنقص طهرها عن أقل الطهر ، ولا سبيل إليه .

                                                                                                                                            وهل تجلس أيام حيضها من أول كل شهر ، أو بالتحري والاجتهاد ؟ فيه وجهان : أحدهما ، تجلسه من [ ص: 198 ] أول كل شهر إذا كان يحتمل ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لحمنة { تحيضي ستة أيام ، أو سبعة أيام ، في علم الله ، ثم اغتسلي وصلي أربعا وعشرين ليلة ، أو ثلاثة وعشرين ليلة وأيامها } . فقدم حيضها على الطهر ، ثم أمرها بالصلاة والصوم في بقيته ; ولأن المبتدأة تجلس من أول الشهر ، مع أنه لا عادة لها ، فكذلك الناسية ; ولأن دم الحيض دم جبلة ، والاستحاضة عارضة ، فإذا رأت الدم ، وجب تغليب دم الحيض .

                                                                                                                                            والوجه الثاني ، أنها تجلس أيامها من الشهر بالتحري والاجتهاد . وهذا قول أبي بكر ، وابن أبي موسى ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم ردها إلى اجتهادها في القدر بقوله : " ستا أو سبعا " . فكذلك في الزمان ; ولأن للتحري مدخلا في الحيض ، بدليل أن المميزة ترجع إلى صفة الدم . فكذلك في زمنه ، فإن تساوى عندها الزمان كله ، ولم يغلب على ظنها شيء ، تعين إجلاسها من أول الشهر ; لعدم الدليل فيما سواه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية