الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              429 (باب غسل البول من المسجد).

                                                                                                                              وقال النووي: (باب وجوب غسل البول، وغيره من النجاسات، إذا حصلت في المسجد، وأن الأرض تطهر بالماء، من غير حاجة إلى حفرها).

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ص 190- 191 ج3 المطبعة المصرية.

                                                                                                                              [حدثنا زهير بن حرب. ، حدثنا عمر بن يونس الحنفي. ، حدثنا عكرمة بن عمار. ، حدثنا إسحق بن أبي طلحة. حدثني أنس بن مالك -وهو عم إسحاق - قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابي. فقام يبول في المسجد. فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مه مه. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزرموه دعوه" فتركوه حتى بال. ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه، فقال له "إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر. إنما هي لذكر الله عز وجل، والصلاة، وقراءة القرآن"، (أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم).

                                                                                                                              قال: فأمر رجلا من القوم، فجاء بدلو من ماء فشنه عليه.]
                                                                                                                              .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه: (قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذ جاء أعرابي) وهو الذي يسكن البادية. [ ص: 89 ] (فقام يبول في المسجد. فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مه مه) كلمة زجر. ويقال: "به به" بالباء أيضا.

                                                                                                                              قال العلماء: هو اسم مبني على السكون. معناه: اسكت.

                                                                                                                              قال صاحب المطالع: قيل: أصلها "ما هذا؟" ثم حذف تخفيفا.

                                                                                                                              قال: وتقال مكررة، وتقال مفردة، ومثله: "به به" وقال يعقوب: هي لتعظيم الأمر كـ "بخ بخ".

                                                                                                                              وقد تنون مع الكسر. وينون الأول، ويكسر الثاني بغير تنوين.

                                                                                                                              (قال: فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تزرموه") بضم التاء، وإسكان الزاي، أي: لا تقطعوا. "والإزرام": القطع.

                                                                                                                              ("دعوه". فتركوه حتى بال. ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه؛ فقال له: "إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول، ولا القذر. إنما هي لذكر الله عز وجل، والصلاة وقراءة القرآن"- أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -. قال: فأمر رجلا من القوم، فجاء بدلو من ماء فشنه عليه). يروى بالشين، وبالمهملة، وهو في أكثر الأصول بالمعجمة. ومعناه "صبه".

                                                                                                                              وفرق بعض أهل العلم بينهما. فقال: هو "بالمهملة" الصب في سهولة. "وبالمعجمة" التفريق في صبه.

                                                                                                                              [ ص: 90 ] وفي رواية: (أمر بذنوب، فصب على بوله).

                                                                                                                              "والذنوب" بفتح الذال وضم النون، هي "الدلو" المملوءة ماء.

                                                                                                                              وفي "الدلو" لغتان: التذكير والتأنيث.

                                                                                                                              وفي هذا الحديث إثبات نجاسة بول الآدمي، وهو مجمع عليه. ولا فرق بين الكبير والصغير بإجماع من يعتد به، لكن بول الصغير يكفي فيه النضح.

                                                                                                                              "وفيه" احترام المسجد وتنزيهه عن الأقذار.

                                                                                                                              "وفيه" أن الأرض تطهر بصب الماء عليها. وهذا مذهب الجمهور.

                                                                                                                              "وفيه" الرفق بالجاهل، وتعليمه ما يلزمه، من غير تعنيف ولا إيذاء. إذا لم يأت بالمخالفة استخفافا. أو عنادا).

                                                                                                                              "وفيه" دفع أعظم الضررين باحتمال أخفهما. لقوله "دعوه".

                                                                                                                              "وفيه" مسائل تتعلق بأحكام المسجد، ذكر أطرافا منها النووي في شرحه، وهي تفاريع فقهية، لا فائدة لنا في ذكرها.




                                                                                                                              الخدمات العلمية