الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن أنبأنا ) وفي نسخة أخبرنا ( عثمان بن مسلم حدثنا أبان بن يزيد العطار ، حدثنا قتادة عن أنس بن مالك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يجتمع عنده غداء ) بفتح معجمة فمهملة ، وهو الذي يؤكل أول النهار ، ويسمى السحور غداء ؛ لأنه بمنزلة غداء المفطر ( ولا عشاء ) وهو بفتح أوله : ما يؤكل عند العشاء ، وأراد بالعشاء صلاة المغرب على ما في النهاية ، والظاهر أن المراد بالعشاء ما يؤكل آخر النهار ، لكن لما كان من عادة العرب أكلهم في أول الليل سمي العشاء وقيده بصلاة المغرب ؛ لأنه أول الليل ، وإلا فالأظهر أن يقول المراد به صلاة العشاء ، إذ إطلاق العشاء على المغرب مجاز ، وقولهم ما بين العشاءين تغليب ، وأما حديث ( إذا حضر العشاء والعشاء فابدءوا بالعشاء ) فيعم الحكم لهما ، إذ الغرض فراغ الخاطر عن توجه النفس إلى السوى وتوجيه القلب إلى المولى ، ولذا قيل : طعام مخلوط بالصلاة خير من صلاة مخلوطة بالطعام ( من خبز ولحم ) أي : لا يجتمع كل منهما في خبز ولحم ، والمعنى لا يوجدان اثنان في كل منهما ، بل إن وجد أحدهما فقد الآخر ، والأظهر أن يقال " من " زائدة أو لا يوجد مزيد للمبالغة ( إلا على ضفف ) بفتح المعجمة والفاء الأولى ، أي : على حال نادر ، وهو تناوله مع ضيف عبد الرحمن شيخ الترمذي ( قال بعضهم ) أي : من المحدثين واللغويين ( هو ) أي : الضفف ( كثرة الأيدي ) وهي تحتمل القولين اللذين ذكرناهما ، وقال أبو يزيد : الضفف الضيق والشدة ، وقال ابن السكيت كثرة العيال وأنشد .

لا ضفف يشغله ولا ثقل .

أي لا يشغله عن حجه ونسكه عيال ، ولا متاع ، وقال مالك بن دينار : سألت بدويا فقال : تناولا مع الناس ، وقال الخليل : كثرة الأيدي مع الناس [ ص: 248 ] كذا ذكره ميرك ، وفي النهاية الضفف : الضيق والشدة ، ومنه ما يشبع منهما إلا عن ضيق وقلة ، وقيل هو اجتماع الناس ، أي : لم يأكلهما وحده ولكن مع الناس ، وقيل الضفف أن يكون الأكلة أكثر من مقدار الطعام ، والحفف أن يكونوا بمقداره انتهى ، ويروى ( شظف ) بشين وظاء معجمتين مفتوحتين ، قال ابن الأعرابي الضفف والحفف والشظف كلها القلة والضيق في العيش ، وقال الفراء : جاءنا على ضفف وحفف أي : على حاجة ، أي : لم يشبع ، وهو رأفة الحال متسع نطاق العيش ، ولكن غالبا على عيشه الضيق وعدم الرفاهية ، وقيل الضفف اجتماع الناس أي : لم يأكل وحده ولكن مع الناس كذا في الفائق ، وقال صاحب القاموس : الضفف محركة كثرة الأيدي على الطعام أو الضيق والشدة أو يكون الأكلة أكثر من الطعام والحاجة .

التالي السابق


الخدمات العلمية