الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف - رحمه الله تعالى - ( وإن نوى بطهارته رفع الحدث والتبرد والتنظيف صح وضوءه على المنصوص في البويطي ; لأنه نوى رفع الحدث وضم إليه ما لا ينافيه ، ومن أصحابنا من قال : لا يصح وضوءه لأنه أشرك في النية بين القربة وغيرها ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) هذا الذي نقله عن النص هو المذهب الصحيح ، صححه الأصحاب وقطع به جماعات ، منهم صاحب التلخيص والقفال والشيخ أبو حامد والماوردي والفوراني والمحاملي وإمام الحرمين وابن الصباغ والبغوي وغيرهم ، والوجه الآخر محكي عن ابن سريج وضعفوا تعليله بالتشريك وقالوا : ليس هذا تشريكا وإنما صححنا وضوءه لأن التبرد حاصل سواء قصده أم لا ، فلم يجعل قصده تشريكا وتركا للإخلاص ، بل هو قصد للعبادة على حسب وقوعها ; لأن من ضرورتها حصول التبرد . ولو اغتسل [ ص: 368 ] بنية رفع الجنابة والتبرد ففيه الخلاف الذي في الوضوء . والصحيح الصحة ذكره الرافعي وغيره والله أعلم



                                      ( فرع ) قال صاحب الشامل : لو أحرم بالصلاة بنية الصلاة والاشتغال بها عن غريم يطالبه صحت صلاته ; لأن اشتغاله عن الغريم لا يفتقر إلى قصد . ولهذه المسألة نظائر في الطواف بنية الطواف والاشتغال عن الغريم وغيرها وسنوضحها هناك إن شاء الله تعالى



                                      ( فرع ) قال أصحابنا : لو أحرم بصلاة ينوي بها الفرض وتحية المسجد صحت صلاته وحصل له الفرض والتحية جميعا ; لأن التحية يحصل بها الفرض فلا يضر ذكرها تصريحا بمقتضى الحال ، واتفق أصحابنا على التصريح بحصول الفرض والتحية . وصرحوا بأنه لا خلاف في حصولهما جميعا ، ولم أر في ذلك خلافا بعد البحث الشديد سنين . وقال الرافعي وأبو عمرو بن الصلاح : لا بد من جريان خلاف فيه كمسألة التبرد ، وهذا الذي قالاه لم ينقلاه عن أحد ، والمنقول ما ذكرناه والفرق ظاهر ، فإن الذي اعتمده الأصحاب في تعليل البطلان في مسألة التبرد هو التشريك بين القربة وغيرها ، وهذا مفقود في مسألة التحية ، فإن الفرض والتحية قربتان إحداهما تحصل بلا قصد فلا يضر فيها القصد كما لو رفع الإمام صوته بالتكبير ليسمع المأمومين ، فإن صلاته صحيحة بالإجماع ، وإن كان قد قصد أمرين لكنهما قربتان وهذا واضح لا يحتاج إلى زيادة بيان .



                                      ولو نوى بغسله غسل الجنابة والجمعة حصلا جميعا هذا هو الصحيح وبه قطع المصنف في باب هيئة الجمعة والجمهور ، وحكى الخراسانيون وجها أنه لا يحصل واحد منهما ، قال إمام الحرمين : هذا الوجه حكاه أبو علي وهو بعيد ، قال : ولم أره لغيره ، وحكاه المتولي عن اختيار أبي سهل الصعلوكي ، وعلى هذا يفرق بينه وبين التحية بأنها لا تحصل ضمنا وهذا بخلافها على الأصح ، وقال الرافعي : إذا نوى الجمعة والجنابة يبنى على أنه لو اقتصر على الجنابة هل تحصل الجمعة ؟ فيه قولان مشهوران ، إن قلنا : لا يحصل لم يصح الغسل كما لو نوى بصلاته الفرض والسنة ، وإن قلنا : يحصل وهو الأصح فوجهان كمسألة التبرد والأصح الحصول




                                      الخدمات العلمية