الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
سورة العنكبوت

بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى : ( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ( 2 ) ) .

قوله تعالى : ( أن يتركوا ) : أن وما عملت فيه تسد مسد المفعولين .

و ( أن يقولوا ) : أي بأن يقولوا ، أو لأن يقولوا .

ويجوز أن يكون بدلا من " أن يتركوا " وإذا قدرت الياء كان حالا ؛ ويجوز أن تقدر على هذا المعنى .

[ ص: 298 ] قال تعالى : ( أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون ( 4 ) ) .

قوله تعالى : ( ساء ) : يجوز أن يعمل عمل بئس ، وقد ذكر في قوله : ( بئسما اشتروا ) [ البقرة : 90 ] .

ويجوز أن يكون بمعنى قبح ، فتكون " ما " مصدرية . أو بمعنى الذي ، أو نكرة موصوفة ، وهي فاعل ساء .

قال تعالى : ( من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت وهو السميع العليم ( 5 ) ) .

قوله تعالى : ( من كان يرجو ) : " من " شرط ، والجواب : " فإن أجل الله " والتقدير : لآتيه .

قال تعالى : ( ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون ( 8 ) ) .

قوله تعالى : ( حسنا ) : منصوب بوصينا . وقيل : هو محمول على المعنى ، والتقدير : ألزمناه حسنا . وقيل : التقدير أيضا : ذا حسن ؛ كقوله : ( وقولوا للناس حسنا ) [ البقرة : 83 ] . وقيل : معنى وصينا : قلنا له : أحسن حسنا ؛ فيكون واقعا موقع المصدر ، أو مصدرا محذوف الزوائد .

قال تعالى : ( والذين آمنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين ( 9 ) ) .

قوله تعالى : ( والذين آمنوا ) : مبتدأ ، و " لندخلنهم " : الخبر .

ويجوز أن يكون " الذين " في موضع نصب على تقدير : لندخلن الذين آمنوا .

قال تعالى : ( وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء إنهم لكاذبون ( 12 ) وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون ( 13 ) ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون ( 14 ) فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين ( 15 ) وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ( 16 ) ) .

قوله تعالى : ( ولنحمل خطاياكم ) : هذه لام الأمر ، وكأنهم أمروا أنفسهم ؛ وإنما عدل إلى ذلك عن الخبر ، لما فيه من المبالغة في الالتزام ، كما في صيغة التعجب .

( من شيء ) : " من " زائدة ، وهو مفعول اسم الفاعل .

و ( من خطاياهم ) : حال من شيء ؛ والتقدير : بحاملين شيئا من خطاياهم .

و ( ألف سنة ) : ظرف ، والضمير في " جعلناها " للعقوبة ، أو الطوفة ، أو نحو ذلك .

[ ص: 299 ] ( وإبراهيم ) : معطوف على المفعول في " أنجيناه " أو على تقدير : واذكر ، أو على أرسلنا .

قال تعالى : ( قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير ( 20 ) ) .

قوله تعالى : ( النشأة الآخرة ) بالقصر والمد : لغتان .

قال تعالى : ( وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير ( 22 ) ) .

قوله تعالى : ( ولا في السماء ) : التقدير : ولا من في السماء فيها ، فمن معطوف على أنتم ، وهي نكرة موصوفة .

وقيل : ليس فيه حذف ؛ لأن " أنتم " خطاب للجميع ، فيدخل فيهم الملائكة ، ثم فصل بعد الإبهام .

التالي السابق


الخدمات العلمية