الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس ولا جان فبأي آلاء ربكما تكذبان كأنهن الياقوت والمرجان .

ضمير فيهن عائد إلى فرش وهو سبب تأخير نعم أهل الجنة بلذة التأنس بالنساء عن ما في الجنات من الأفنان والعيون والفواكه والفرش ، ليكون ذكر الفرش مناسبا للانتقال إلى الأوانس في تلك الفرش وليجيء هذا الضمير مفيدا معنى كثيرا من لفظ قليل ، وذلك من خصائص الترتيب من هذا التركيب .

ف قاصرات الطرف كائنة في الجنة وكائنة على الفرش مع أزواجهن قال تعالى وفرش مرفوعة إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا الآية .

و ( قاصرات الطرف ) صفة لموصوف محذوف تقديره نساء ، وشاع المدح بهذا الوصف في الكلام حتى نزل منزلة الاسم ، ف قاصرات الطرف نساء في نظرهن مثل القصور والغض خلقة فيهن ، وهذا نظير ما يقول الشعراء من المولدين : مراض العيون ، أي مثل المراض خلقة . والقصور : مثل الغض من صفات عيون المها والظباء ، قال كعب بن زهير :

وما سعاد غداة البين إذ رحلوا إلا أغن غضيض الطرف مكحول

[ ص: 270 ] أي : كغضيض الطرف وهو الظبي .

والطمث بفتح الطاء وسكون الميم مسيس الأنثى البكر ، أي من أبكار . وعبر عن البكارة ب لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان إطنابا في التحسين ، وقد جاء في الآية الأخرى فجعلناهن أبكارا . وهؤلاء هن نساء الجنة لا أزواج المؤمنين اللائي كن لهم في الدنيا لأنهن قد يكن طمثهم أزواج فإن الزوجة في الجنة تكون لآخر من تزوجها في الدنيا .

وقرأ الجمهور يطمثهن هنا ، وفي نظيره الآتي بكسر الميم . وقرأه الدوري عن الكسائي بضم الميم وهما لغتان في مضارع طمث . ونقل عن الكسائي التخيير بين الضم والكسر .

وقوله إنس قبلهم أي لم يطمثهن أحد قبلهم ، وقوله ولا جان تتميم واحتراس وهو إطناب دعا إليه أن الجنة دار ثواب لصالح الإنس والجن فلما ذكر ( إنس ) نشأ توهم أن يمسهن جن فدفع ذلك التوهم بهذا الاحتراس .

وجملة كأنهن الياقوت والمرجان نعت أو حال من قاصرات الطرف .

ووجه الشبه بالياقوت والمرجان في لون الحمرة المحمودة ، أي حمرة الخدود كما يشبه الخد بالورد ، ويطلق الأحمر على الأبيض فمنه حديث بعثت إلى الأحمر والأسود ، وقال عبد بني الحساس :

فلو كنت وردا لونه لعشقتني     ولكن ربي شانني بسواديا

ويجوز أن يكون التشبيه بهما في الصفاء واللمعان .

التالي السابق


الخدمات العلمية