الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
مسألة :

" وما لا نفس له سائلة إذا لم يكن متولدا من النجاسات " .

النفس هي دمه ، ومنه سميت النفساء لجريان نفسها يقال نفست المرأة إذا حاضت ونفست إذا ولدت ، ومنه قول الشاعر :


تسيل على حد الظبات نفوسها وليس على غير الظبات تسيل

وهو قسمان : أحدهما : المتولد من النجاسة مثل صراصير الكنيف فهو نجس حيا وميتا ؛ لأنه متولد من نجس ، فكان نجسا كالكلب ، والثاني ما هو متولد من طاهر كالذباب والبق والعقرب والقمل والبراغيث والديدان والسرطان ، سواء لم يكن له دم أو كان له دم غير مسفوح ، فهذا لا ينجس بالموت ولا ينجس المائع إذا وقع فيه ، لما روى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه كله ثم لينزعه [ ص: 136 ] فإن في أحد جناحيه شفاء وفي الآخر داء " رواه البخاري .

فأمر بغمسه مع علمه بأنه يموت بالغمس غالبا ، لا سيما في الأشياء الحارة . فلو كان ينجس الشراب لم يأمر بإفساده ، وقد روى الدارقطني عن سلمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا سلمان كل طعام وشراب وقعت فيه دابة ليس لها دم فماتت فيه فهو حلال أكله وشربه ووضوءه " وقد روي عن عمر ، ومعاذ ، وأبي الدرداء وابن مسعود ، وأبي أمامة أنهم كانوا يقتلون القمل في الصلاة ، ومنهم من كان يدفنه في المسجد ولو كان نجسا لصانوا صلاتهم عن حمل النجاسة ، ومسجدهم عن دفن النجاسة فيه ؛ ولأنه ليس له دم سائل فأشبه دود الخل والباقلا .

فصل :

إذا مات في الماء ما يشك فيه هل له نفس سائلة فهو طاهر في أظهر الوجهين . فأما الوزغ فهو نجس في المنصوص من الوجهين ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية