الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
[ ص: 218 ]

59 - وكسر بيوت والبيوت يضم عن حمى جلة وجها على الأصل أقبلا



قرأ حفص وأبو عمرو وورش بضم كسر الباء في لفظ (بيوت)، حيث وقع وكيف نزل، سواء كان مصاحبا للام التعريف نحو: وأتوا البيوت من أبوابها أم مضافا إلى اسم ظاهر نحو: لا تدخلوا بيوت النبي أم إلى ضمير نحو: غير بيوتكم أم كان خاليا من اللام والإضافة نحو: فإذا دخلتم بيوتا . وقرأ الباقون بكسر الباء في ذلك وأمثاله.

وقد أشار الناظم إلى توجيه قراءة الضم بأنها الأصل إذ الأصل في جمع فعل بفتح الفاء وسكون العين أن يكون على فعول مثل: قلب وقلوب، وشيخ وشيوخ. ووجه قراءة الكسر:

مجانسة الياء استثقالا لضمة الياء بعد ضمة.


60 - ولا تقتلوهم بعده يقتلوكم     فإن قتلوكم قصرها شاع وانجلا



قرأ حمزة والكسائي: " ولا تقتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم " بفتح التاء في الأول والياء في الثاني وإسكان القاف فيهما وضم التاء فيهما أيضا مع القصر، أي حذف الألف كما لفظ بها. ويحذف الألف في فإن قاتلوكم ، وقرأ الباقون بضم التاء في الأول والياء في الثاني وفتح القاف وكسر التاء فيهما مع المد، أي: إثبات ألف بين القاف والتاء في الثلاثة، ولا خلاف في (فاقتلوهم) أنه بغير ألف. ومعنى (شاع وانجلا) اشتهر القصر وانكشف.


61 - وبالرفع نونه فلا رفث ولا     فسوق ولا حقا وزان مجملا



قرأ ابن كثير وأبو عمرو فلا رفث ولا فسوق برفع الثاء والقاف وتنوينهما، وقرأ غيرهما بفتح الثاء والقاف وترك التنوين فيهما ولا خلاف في (جدال) أنه بالفتح من غير تنوين.


62 - وفتحك سين السلم أصل رضا دنا     وحتى يقول الرفع في اللام أولا



قرأ نافع، والكسائي، وابن كثير ادخلوا في السلم بفتح السين، وقرأ الباقون بكسرها، وسيبين حكم ما في الأنفال والقتال في سورة الأنفال. وقرأ نافع حتى يقول الرسول [ ص: 219 ] برفع اللام، وقرأ غيره بنصبها. وفي قوله: (أولا) إشارة إلى تأويل قراءة نافع، وهو أن الفعل بمعنى المضي، أي حتى قال الرسول، أو هي حكاية حال ماضية، والفعل إذا كان كذلك ووقع بعد حتى رفع، ووجه النصب: أن الفعل مستقبل. فنصب بعد حتى على تقدير: إلى أن يقول، أو: كي يقول.


63 - وفي التاء فاضمم وافتح الجيم ترجع الـ     أمور سما نصا وحيث تنزلا



قرأ نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم (ترجع الأمور) حيث نزل في القرآن الكريم بضم التاء وفتح الجيم، وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي بفتح التاء وكسر الجيم.


64 - وإثم كبير شاع بالثا مثلثا     وغيرهما بالباء نقطة اسفلا



قرأ حمزة والكسائي قل فيهما إثم كبير بالثاء المثلثة، وقرأ غيرهما بالباء الموحدة أي: التي بنقطة واحدة في أسفلها.


65 - قل العفو للبصري رفع وبعده     لأعنتكم بالخلف أحمد سهلا



قرأ أبو عمرو البصري قل العفو برفع الواو، فتكون قراءة غيره بنصبها، وسهل أحمد البزي عن ابن كثير همزة لأعنتكم بين بين بخلف عنه، فله فيها التسهيل والتحقيق، وقرأ غيره بالتحقيق قولا واحدا.


66 - ويطهرن في الطاء السكون وهاؤه     يضم وخفا إذ سما كيف عولا



قرأ أهل سما وابن عامر وحفص حتى يطهرن بسكون الطاء وضم الهاء وتخفيفهما، فتكون قراءة شعبة وحمزة والكسائي بفتح الطاء والهاء وتشديدهما.


67 - وضم يخافا فاز والكل أدغموا     تضارر وضم الراء حق وذو جلا



قرأ حمزة إلا أن يخافا بضم الياء، فتكون قراءة غيره بفتحها، وكل القراء أدغموا الراء الأولى في الثانية في لا تضار والدة بولدها فقرءوا براء واحدة مشددة، وضم هذه الراء ابن كثير وأبو عمرو، وفتحها غيرهما.

[ ص: 220 ]

68 - وقصر أتيتم من ربا وأتيتم     هنا دار وجها ليس إلا مبجلا



قرأ ابن كثير: وما آتيتم من ربا في الروم، إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف في هذه السورة بقصر الهمزة فيهما، والمراد بالقصر حذف الألف بعدها، وقرأ غيره بالمد، أي بإثبات حرف المد أي: الألف بعد الهمزة في الموضعين، والتبجيل: التعظيم.


69 - معا قدر حرك من صحاب وحيث جا     يضم تمسوهن وامدده شلشلا



قرأ ابن ذكوان وحفص وحمزة والكسائي: على الموسع قدره وعلى المقتر قدره .

بتحريك الدال فيهما أي: بفتحها، إذ التحريك إذا أطلق ولم يقيد كان المراد به الفتح وكان ضده الإسكان، فتكون قراءة الباقين بإسكان الدال في الموضعين. وقرأ حمزة والكسائي لفظ (تمسوهن)، حيث جاء في القرآن بضم التاء وإثبات ألف بعد الميم مع مد المشبع للساكنين فتكون قراءة الباقين بفتح التاء وحذف الألف بعد الميم. والشلشل: الخفيف.


70 - وصية ارفع صفو حرميه رضا     ويبصط عنهم غير قنبل اعتلا
71 - وبالسين باقيهم وفي الخلق بصطة     وقل فيهما الوجهان قولا موصلا



قرأ شعبة والحرميان نافع وابن كثير والكسائي وصية لأزواجهم برفع التاء فتكون قراءة غيرهم بنصبها. وقوله: (ويبصط عنهم) معناه: أنه نقل عن هؤلاء المذكورين وهم: شعبة ومن معه إلا قنبلا أنهم قرءوا (والله يقبض ويبصط) هنا، (وزادكم في الخلق بصطة) في الأعراف بالصاد في الموضعين. وقرأ غيرهم ومعهم قنبل بالسين في الموضعين إلا أن خلادا وابن ذكوان اختلف عنهما في الموضعين فروي عنهما الصاد والسين فيهما، إلا أن المحققين نبهوا على أن ابن ذكوان ليس له في موضع الأعراف إلا الصاد، وأما السين فليست من طريق الناظم، فلا يقرأ له بها في هذا الموضع.

والخلاصة: أن نافعا والبزي وشعبة والكسائي يقرءون بالصاد في الموضعين، وأن قنبلا وأبا عمرو وهشاما وحفصا وخلفا عن حمزة يقرءون بالسين في الموضعين، وأن لخلاد [ ص: 221 ] الصاد والسين في كل من الموضعين، وأن ابن ذكوان له الصاد والسين في البقرة. وله في الأعراف الصاد فقط.


72 - يضاعفه ارفع في الحديد وهاهنا     سما شكره والعين في الكل ثقلا
73 - كما دار واقصر مع مضاعفة وقل     عسيتم بكسر السين حيث أتى انجلا



قرأ نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي: فيضاعفه له وله أجر كريم في الحديد، فيضاعفه له أضعافا كثيرة في هذه السورة برفع الفاء، فتكون قراءة ابن عامر، وعاصم بنصب الفاء في الموضعين. وقرأ ابن عامر، وابن كثير بتشديد العين وحذف الألف قبلها في الموضعين، وكذا في كل فعل مضارع مشتق من المضاعفة، سواء بني للفاعل كما هنا أم للمفعول كما في سورة هود: يضاعف لها العذاب ، وسواء اقترن بالضمير كما هنا، وكقوله: وإن تك حسنة يضاعفها ، يضاعفه لكم ، أم تجرد عنه نحو: والله يضاعف لمن يشاء ، يضاعف له العذاب يوم القيامة ، وأشار الناظم إلى هذا العموم بقوله: (كما دار) أي: حيث وقع، وعلى أية صورة نزل، وكذا يثقلان العين ويحذفان الألف قبلها في لفظ (مضاعفة) في قوله تعالى في آل عمران: لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة فتكون قراءة الباقين بتخفيف العين، وإثبات الألف قبلها، في الجميع.

والحاصل: أن في " فيضاعفه " هنا، وفي الحديد أربع قراءات:

الأولى: بتخفيف العين وإثبات الألف قبلها ورفع الفاء، وهذه لنافع وأبي عمرو، وحمزة، والكسائي.

الثانية: بتشديد العين وحذف الألف ورفع الفاء لابن كثير.

الثالثة: بتشديد العين وحذف الألف ونصب الفاء لابن عامر.

الرابعة: بتخفيف العين وإثبات الألف ونصب الفاء لعاصم. وفي باقي المواضع قراءتان: التشديد لابن كثير، وابن عامر، والتخفيف لغيرهما. وقرأ نافع: قال هل عسيتم إن كتب عليكم هنا، فهل عسيتم إن توليتم في القتال بكسر السين في الموضعين، فتكون قراءة غيره بفتحها فيهما.


74 - دفاع بها والحج فتح وساكن     وقصر خصوصا غرفة ضم ذو ولا



قرأ السبعة إلا نافعا " ولولا دفع الله الناس " في هذه السورة وفي سورة الحج بفتح الدال [ ص: 222 ] وسكون الفاء، ويلزم من سكون الفاء القصر أي: حذف الألف بعدها، فتكون قراءة نافع بكسر الدال وفتح الفاء، وإثبات ألف بعدها كما لفظ به. وقرأ الشامي والكوفيون لفظ (غرفة) في إلا من اغترف غرفة بضم الغين، فتكون قراءة غيرهم بفتحها.


75 - ولا بيع نونه ولا خلة ولا     شفاعة وارفعهن ذا إسوة تلا
76 - ولا لغو لا تأثيم لا بيع مع ولا     خلال بإبراهيم والطور وصلا



قرأ نافع وابن عامر والكوفيون: لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة هنا، من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال في إبراهيم، لا لغو فيها ولا تأثيم في الطور، برفع هذه الكلمات وتنوينها، فتكون قراءة الباقين بفتحها بلا تنوين وهما ابن كثير وأبو عمرو.


77 - ومد أنا في الوصل مع ضم همزة     وفتح أتى والخلف في الكسر بجلا



إذا وقع بعد لفظ أنا همزة قطع مضمومة أو مفتوحة، فنافع يمده، أي يثبت فيه الألف وصلا. وقد وقع بعده همزة قطع مضمومة في موضعين: أنا أحيي وأميت في هذه السورة، أنا أنبئكم بتأويله في يوسف. ووقع بعده همزة قطع مفتوحة في عشرة مواضع وهي: وأنا أول المسلمين بالأنعام، وأنا أول المؤمنين بالأعراف، أنا أخوك بيوسف، أنا أكثر منك مالا ، أنا أقل منك مالا كلاهما في الكهف، " أنا آتيك به " في موضعين في النمل، وأنا أدعوكم بغافر، فأنا أول العابدين بالزخرف، وأنا أعلم بما أخفيتم في الممتحنة. وعلى قراءة نافع يكون مده عنده من قبيل المد المنفصل، فيمد كل من قالون وورش حسب مذهبه في المد المنفصل، وإذا وقع بعد لفظ (أنا) همزة قطع مكسورة فلقالون فيه المد بخلف عنه، فروي عنه إثبات ألفه وصلا، وروي عنه حذفها وصلا، والوجهان عنه صحيحان، وقد وقع ذلك في ثلاثة مواضع:

إن أنا إلا نذير وبشير بالأعراف، إن أنا إلا نذير مبين بالشعراء، وما أنا إلا نذير مبين بالأحقاف.

وفهم من اختصاص قالون بالخلف فيما بعده همزة قطع مكسورة أن ورشا لا يثبت الألف في هذا النوع وصلا، أما إذا وقع بعد لفظ (أنا) حرف آخر من حروف الهجاء غير همزة القطع، فقد اتفق القراء السبعة على حذف ألفه وصلا [ ص: 223 ] نحو: أنما أنا نذير ، على بصيرة أنا ومن اتبعني كما اتفقوا على إثبات ألفه عند الوقف، سواء وقع بعده همزة القطع أم أي حرف آخر من حروف الهجاء.


78 - وننشزها ذاك وبالراء غيرهم     وصل يتسنه دون هاء شمردلا



قرأ ابن عامر والكوفيون كيف ننشزها بالزاي المعجمة كما نطق به، وقرأ غيرهم بالراء المهملة كما صرح به. وقرأ حمزة والكسائي لم يتسنه بحذف الهاء في حال الوصل، وقرأ غيرهم بإثباتها في حال الوصل ولا خلاف بين القراء في إثباتها في حال الوقف. والشمردل الخفيف أو الكريم.


79 - وبالوصل قال اعلم مع الجزم شافع     فصرهن ضم الصاد بالكسر فصلا



قرأ حمزة والكسائي فلما تبين له قال أعلم بوصل الهمزة أي: بهمزة وصل تثبت في الابتداء وتحذف في الدرج وبجزم الميم، فإذا وقفا على قال، ابتدءا بهمزة مكسورة، وعلى هذه القراءة يكون (اعلم) فعل أمر مبنيا على السكون، فتعبير الناظم بالجزم لتؤخذ القراءة الأخرى من ضد الجزم، وهو الرفع، ولو قال: (مع السكون) للزم أن تكون القراءة الأخرى بفتح الميم وليست كذلك، وقرأ غيرهما (أعلم) بهمزة قطع مفتوحة تثبت وصلا ووقفا، وبرفع الميم على أنه فعل مضارع مرفوع بالتجرد. وقرأ حمزة فصرهن إليك بكسر ضم الصاد، وقرأ غيره بضمها.


80 - وجزءا وجزء ضم الاسكان صف وحيـ     ثما أكلها ذكرا وفي الغير ذو حلا



قرأ شعبة بضم إسكان الزاي في (جزءا) المنصوب، وهو في قوله تعالى: ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا هنا، وفي قوله تعالى: وجعلوا له من عباده جزءا في الزخرف، والمرفوع، وهو في قوله تعالى: لكل باب منهم جزء مقسوم في الحجر. وقرأ غيره بإسكان الزاي في الجميع. وقرأ ابن عامر، والكوفيون بضم إسكان الكاف في لفظ (أكل) إذا كان مضافا لضمير المؤنث حيث وقع في القرآن الكريم نحو: فآتت أكلها ضعفين ، أكلها دائم ، تؤتي أكلها كل حين ، فتكون قراءة أهل (سما) في هذا بإسكان الكاف، فإذا لم يكن مضافا لضمير المؤنث، فأبو عمرو، وابن عامر، والكوفيون يقرءون [ ص: 224 ] بضم إسكان الكاف، سواء كان مضافا لضمير المذكر نحو: مختلفا أكله ، أم كان مقرونا باللام نحو: ونفضل بعضها على بعض في الأكل ، أم كان مجردا من الإضافة واللام نحو: أكل خمط .

والخلاصة: أن نافعا، وابن كثير يقرءان بإسكان الكاف في الجميع. وأبو عمرو يقرأ بإسكانها فيما أضيف لضمير المؤنث، وبضمها في غيره، وابن عامر والكوفيون يضمونها في الجميع.


81 - وفي ربوة في المؤمنين وهاهنا     على فتح ضم الراء نبهت كفلا



قرأ عاصم، وابن عامر، وآويناهما إلى ربوة في سورة المؤمنين، كمثل جنة بربوة في هذه السورة بفتح ضم الراء في الموضعين. وقرأ غيرهما بضم الراء فيهما، و(كفلا) جمع كافل وهو الضامن.


82 - وفي الوصل للبزي شدد تيمموا     وتاء توفى في النسا عنه مجملا
83 - وفي آل عمران له لا تفرقوا     والانعام فيها فتفرق مثلا
84 - وعند العقود التاء في لا تعاونوا     ويروي ثلاثا في تلقف مثلا
85 - تنزل عنه أربع وتناصرو     ن نارا تلظى إذ تلقون ثقلا
86 - تكلم مع حرفي تولوا بهودها     وفي نورها والامتحان وبعد لا
87 - في الانفال أيضا ثم فيها تنازعوا     تبرجن في الأحزاب مع أن تبدلا
88 - وفي التوبة الغراء قل هل تربصو     ن عنه وجمع الساكنين هنا انجلى
89 - تميز يروي ثم حرف تخيرو     ن عنه تلهى قبله الهاء وصلا
90 - وفي الحجرات التاء في لتعارفوا     وبعد ولا حرفان من قبله جلا
91 - وكنتم تمنون الذي مع تفكهو     ن عنه على وجهين فافهم محصلا



التالي السابق


الخدمات العلمية