الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( الفاء ) ( الفاء العاطفة ) تكون ( لترتيب ) وهو قسمان ، معنوي كقام زيد فعمرو .

وذكري ، وهو عطف مفصل على مجمل هو هو في المعنى كقوله تعالى ( { فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه } ) ( { فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم } ) ( { فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم } ) ( { فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة } ) ( { ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي } ) وتقول : توضأ فغسل وجهه . وتقول : قال فأحسن ، وخطب فأوجز ، وأعطى فأجزل ( و ) تأتي الفاء أيضا ل ( تعقيب ) وهو كون الثاني بعد الأول بغير مهلة . فكأن الثاني أخذ بعقب الأول في الجملة ( كل بحسبه عرفا ) يعني أن التعقيب يكون في كل شيء بحسبه . تقول : تزوج فلان فولد له ، إذا لم يكن بينهما إلا مدة الحمل وإن طالت . وقطع به ابن هشام في مغني اللبيب .

ونقل الرازي وأتباعه . الإجماع : أنها للترتيب والتعقيب ، لكن قال الفراء : إنها لا تدل على الترتيب ، بل تستعمل في انتفائه . كقوله تعالى ( { وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا } ) مع أن مجيء البأس مقدم على الإهلاك .

وأجيب بأنها للترتيب الذكري ، أو فيه حذف تقديره : أردنا إهلاكها فجاءها بأسنا . ومثله ( { فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله } ) ( وتأتي ) الفاء أيضا ( سببية ) وهو كثير في عطف الجمل ، كقوله تعالى ( { فوكزه موسى فقضى عليه } ) ( { فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه } ) وكذا في عطف الصفات .

كقوله تعالى ( { لآكلون من شجر من زقوم فمالئون منها البطون فشاربون عليه من الحميم } ) ( و ) تأتي أيضا ( رابطة ) للجواب . وذلك في ست مسائل : الأولى أن يكون الجواب جملة اسمية . كقوله تعالى ( { وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير } ) وقوله ( { إن تعذبهم فإنهم عبادك [ ص: 76 ] وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم } ) الثانية : أن تكون فعلية ، وهي التي فعلها جامد نحو ( { إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا فعسى ربي أن يؤتين } ) ( { إن تبدوا الصدقات فنعما هي } ) ( { ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا } ) ( { ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء } ) الثالثة : أن يكون فعلها إنشاء نحو ( { إن كنتم تحبون الله فاتبعوني } ) ( { فإن شهدوا فلا تشهد معهم } ) ( { قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين } ) فيه أمران : الاسمية ، والإنشاء . الرابعة : أن يكون فعلها ماضيا لفظا ومعنى . إما حقيقة نحو ( { إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل } ) ، ( { إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين } ) وإما مجازا نحو ( { ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار } ) نزل هذا الفعل لتحقق وقوعه منزلة ما قد وقع الخامسة : أن تقترن بحرف استقبال نحو ( { من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم } ) ( { وما يفعلوا من خير فلن يكفروه } ) السادسة : أن تقترن بحرف له الصدر كقوله :

فإن أهلك فذي لهب لظاه علي يكاد يلتهب التهابا

لما عرف من أن " رب " مقدرة وأن لها الصدر . وأما إتيانها زائدة فاختلفوا فيه فذهب سيبويه ومن تبعه أنها لا تكون زائدة . وأجازه الأخفش في الخبر مطلقا . وحكي : أخوك فوجد

التالي السابق


الخدمات العلمية