الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله - عز وجل -:

وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون

"كلوا"؛ في هذه الآية عبارة عن: "تمتعوا بالأكل؛ والشرب؛ واللباس؛ والركوب؛ ونحو [ ص: 239 ] ذلك"؛ وخص الأكل بالذكر لأنه أعظم المقصود؛ وأخص الانتفاعات بالإنسان.

والرزق عند أهل السنة: ما صح الانتفاع به؛ وقالت المعتزلة: الرزق: كل ما صح تملكه؛ والحرام ليس برزق لأنه لا يصح تملكه؛ ويرد عليهم بأنه يلزمهم أن آكل الحرام ليس بمرزوق من الله تعالى؛ وقد خرج بعض النبلاء أن الحرام رزق من قوله تعالى: كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور ؛ قال: فذكر المغفرة مشيرا إلى أن الرزق قد يكون فيه حرام؛ ورد أبو المعالي - في "الإرشاد" - على المعتزلة بأنهم إذا قالوا: "الرزق ما تملك"؛ فيلزمهم أن ما ملك فهو الرزق؛ وملك الله تعالى للأشياء لا يصح أن يقال فيه: إنه رزق له.

قال القاضي أبو محمد - رحمه الله -: "وهذا الذي ألزم غير لازم؛ فتأمله"؛ وباقي الآية بين.

وقد تقدم القول؛ في سورة "البقرة"؛ في نظير قوله تعالى: لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ؛ وقوله تعالى: بما عقدتم الأيمان ؛ معناه: شددتم.

وقرأ نافع ؛ وابن كثير ؛ وأبو عمرو : "عقدتم"؛ مشددة القاف؛ وقرأ عاصم - في رواية أبي بكر وحمزة ؛ والكسائي : "عقدتم"؛ خفيفة القاف؛ وقرأ ابن عامر : "عاقدتم"؛ بألف؛ على وزن "فاعلتم"؛ قال أبو علي : من شدد القاف احتمل أمرين: أحدهما أن يكون لتكثير الفعل؛ لأنه خاطب جماعة؛ والآخر أن يكون "عقد"؛ مثل "ضعف"؛ لا يراد به التكثير؛ كما أن "ضاعف"؛ لا يراد به فعل من اثنين؛ ومن قرأ: "عقدتم"؛ فخفف القاف؛ جاز أن يراد به الكثير من الفعل؛ والقليل؛ وعقد اليمين كعقد الحبل؛ والعهد؛ وقال الحطيئة :


قوم إذا عقدوا عقدا لجارهم ... شدوا العناج وشدوا فوقه الكربا



[ ص: 240 ] ومن قرأ "عاقدتم" فيحتمل ضربين: أحدهما أن يكون كـ "طارقت النعل"؛ و"عاقبت اللص"؛ والآخر أن يراد به "فاعلت"؛ الذي يقتضي فاعلين؛ كأن المعنى: يؤاخذكم بما عاقدتم عليه الأيمان؛ ويعدى "عاقد" بـ "على"؛ لما هو في معنى "عاهد"؛ قال الله تعالى: ومن أوفى بما عاهد عليه الله ؛ وهذا كما عديت ناديتم إلى الصلاة بـ "إلى"؛ وبابها أن تقول: ناديت زيدا؛ وناديناه من جانب الطور الأيمن ؛ لكن لما كانت بمعنى: "دعوت إلى كذا"؛ كقوله تعالى: ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله ؛ عديت "نادى" بـ "إلى"؛ ثم يتسع في قوله تعالى: "عاقدتم عليه الأيمان"؛ فيحذف الجار؛ ويصل الفعل إلى المفعول؛ ثم يحذف من الصلة الضمير الذي يعود على الموصول؛ وتقديره: "يؤاخذكم بما عقدتموه الأيمان"؛ كما حذف من قوله تعالى: فاصدع بما تؤمر .

والأيمان: جمع "يمين"؛ وهي الألية؛ سميت "يمينا"؛ لما كان عرفهم أن يصفقوا بأيمان بعضهم على بعض عند الألية.

وقوله تعالى: "فكفارته"؛ معناه: "فالشيء الساتر على إثم الحنث في اليمين إطعام..."؛ والضمير - على الصناعة النحوية - عائد على "ما"؛ وتحتمل "ما" في هذا الموضع أن تكون بمعنى "الذي"؛ وتحتمل أن تكون مصدرية؛ وهو عائد - مع المعنى الذي ذكرناه - على إثم الحنث؛ ولم يجر له ذكر صحيح؛ لكن المعنى يقتضيه.

[ ص: 241 ] و"إطعام عشرة مساكين"؛ معناه: إشباعهم مرة؛ قال الحسن بن أبي الحسن: إن جمعهم أشبعهم إشباعة واحدة؛ وإن أعطاهم أعطاهم مكوكا مكوكا؛ وحكم هؤلاء ألا يتكرر واحد منهم في كفارة يمين واحدة؛ وسواء أطعموا أفرادا؛ أو جماعة في حين واحد؛ ولا يجزئ في شيء من ذلك ذمي؛ وإن أطعم صبي [يعطى حظا كبيرا]؛ ولا يجوز أن يطعم عبد؛ ولا ذو رحم تلزم نفقته؛ فإن كان ممن لا تلزم المكفر نفقته فقد قال مالك : لا يعجبني أن يطعمه؛ ولكن إن فعل؛ وكان فقيرا؛ أجزأه؛ ولا يجوز أن يطعم منها غني؛ وإن أطعم جهلا بغناه؛ ففي "المدونة"؛ وغير كتاب؛ أنه لا يجزئ؛ وفي "الأسدية" أنه يجزئ.

واختلف الناس في معنى قوله: "من أوسط"؛ فرأى مالك - رحمه الله - وجماعة معه هذا التوسط في القدر؛ ورأى ذلك جماعة في الصنف؛ والوجه أن يعم بلفظ الوسط القدر والصنف؛ فرأى مالك أن يطعم المسكين بالمدينة مدا بمد النبي - صلى اللـه عليه وسلم -؛ وذلك رطل وثلث من الدقيق؛ وهذا لضيق المعيشة بالمدينة؛ ورأى في غيرها أن يتوسع؛ ولذلك استحسن الغداء؛ والعشاء؛ وأفتى ابن وهب بمصر بمد ونصف؛ وأشهب بمد وثلث؛ قال ابن المواز: ومد وثلث وسط من عيش أهل الأمصار في الغداء؛ والعشاء؛ قال ابن حبيب : ولا يجزئ الخبز قفارا؛ ولكن بإدام زيت؛ أو لبن؛ أو لحم؛ أو نحوه؛ وفي شرح ابن مزين أن الخبز القفار يجزئ؛ ورأى من يقول: "إن التوسط في الصنف"؛ أن يكون الرجل المكفر يتجنب أدنى ما يأكل الناس في البلد؛ وينحط عن الأعلى؛ ويكفر بالوسط من ذلك؛ ومذهب "المدونة" أن يراعي المكفر [ ص: 242 ] عيش البلد؛ وفي كتاب ابن المواز أن المراعى عيشه في أهله الخاص به.

وكأن الآية - على التأويل الأول - معناها: "من أوسط ما تطعمون أيها الناس أهليكم في الجملة؛ من مدينة؛ أو صقع"؛ وعلى التأويل الثاني معناها: "من أوسط ما يطعم شخص أهله".

وقرأ الجمهور: "أهليكم"؛ وهو جمع "أهل"؛ على السلامة؛ وقرأ جعفر بن محمد: "من أوسط ما تطعمون أهاليكم"؛ وهذا جمع مكسر؛ قال أبو الفتح: "أهال"؛ بمنزلة "ليال"؛ كأن واحدها: "أهلات"؛ و"ليلات"؛ والعرب تقول: "أهل"؛ و"أهلة"؛ ومنه قول الشاعر:


وأهلة ود قد تبريت ودهم ...      .................



ويقال: "ليلة"؛ و"ليلاة"؛ وأنشد ابن الأعرابي :


في كل ما يوم وكل ليلاه ...     حتى يقول من رآه إذ رآه




يا ويحه من جمل ما أشقاه



وقرأ الجمهور: "أو كسوتهم"؛ بكسر الكاف؛ يراد به كسوة الثياب؛ وقرأ سعيد بن المسيب ؛ وأبو عبد الرحمن ؛ وإبراهيم النخعي : "أو كسوتهم"؛ بضم الكاف؛ وقرأ سعيد بن جبير ؛ ومحمد بن السميفع اليماني: "أو كإسوتهم"؛ من "الإسوة"؛ قال أبو الفتح: كأنه قال: أو بما يكفي مثلهم؛ فهو على حذف المضاف؛ بتقدير: "أو ككفاية إسوتهم"؛ قال: وإن شئت جعلت الإسوة هي الكفاية؛ فلم تحتج إلى حذف مضاف.

[ ص: 243 ] قال القاضي أبو محمد - رحمه الله -: وفي هذا نظر؛ والقراءة مخالفة لخط المصحف؛ ومعناها على خلاف ما تأول أهل العلم من أن الحانث في اليمين بالله تعالى مخير في الإطعام؛ أو الكسوة؛ أو العتق؛ والعلماء على أن العتق أفضل ذلك؛ ثم الكسوة؛ ثم الإطعام؛ وبدأ الله تعالى عباده بالأيسر فالأيسر؛ ورب مدة ومسغبة يكون فيها الإطعام أفضل من العتق؛ لكن ذلك شاذ وغير معهود؛ والحكم للأغلب.

واختلف العلماء في حد الكسوة؛ فراعى قوم نفس اللفظة؛ فإذا كان الحانث المكفر كاسيا؛ والمسكين مكسوا؛ حصل الإجزاء؛ وهذه رتبة تتحصل بثوب واحد؛ أي ثوب كان؛ بعد إجماع الناس أن القلنسوة بانفرادها لا تجزئ في كفارة اليمين؛ قال مجاهد : يجزئ في كفارة اليمين ثوب واحد؛ فما زاد؛ وقال الحسن: الكسوة ثوب لكل مسكين؛ وقاله طاوس ؛ وقال منصور : الكسوة: ثوب؛ قميص أو رداء أو إزار؛ قاله أبو جعفر ؛ وعطاء ؛ وابن عباس ؛ وقال: قد تجزئ العباءة في الكفارة؛ وكذلك الشملة؛ وقال الحسن بن أبي الحسن: تجزئ العمامة في كفارة اليمين؛ وقال مجاهد : يجزئ كل شيء إلا التبان؛ وروي عن سلمان - رضي الله عنه - أنه قال: "نعم الثوب التبان"؛ أسنده الطبري ؛ وقال الحكم بن عتيبة : تجزئ عمامة يلف بها رأسه. وراعى قوم معهود الزي والكسوة المتعارفة؛ فقال بعضهم: لا يجزئ الثوب الواحد؛ إلا إذا كان جامعا؛ مما قد يتزيا به؛ كالكساء؛ والملحفة؛ قال إبراهيم النخعي : يجزئ الثوب الجامع؛ وليس القميص والدرع؛ والخمار ثوبا جامعا.

قال القاضي أبو محمد - رحمه الله -: قد يكون القميص الكامل جامعا؛ وزيا؛ وقال بعضهم: الكسوة في الكفارة: إزار؛ وقميص؛ ورداء؛ قاله ابن عمر - رضي الله عنهما -؛ وروي عن الحسن؛ وابن سيرين ؛ وأبي موسى الأشعري ؛ أن الكسوة في الكفارة ثوبان لكل مسكين؛ وعلق مالك - رحمه الله - الحكم بما يجزئ في الصلاة؛ وهذا أحسن نظر؛ فقال: يجزئ في الرجل ثوب [ ص: 244 ] واحد؛ وقال ابن حبيب : يكسى قميصا؛ أو إزارا؛ يبلغ أن يلتف به مشتملا؛ وكلام ابن حبيب تفسير؛ قال مالك : تكسى المرأة درعا؛ وخمارا؛ وقال ابن القاسم في "العتبية": وإن كسا صغير الإناث فدرع وخمار؛ كالكبيرة؛ والكفارة واحدة لا ينقص منها لصغير؛ قال عنه ابن المواز: ولا تعجبني كسوة المراضع بحال؛ فأما من أمر بالصلاة فيكسوه قميصا؛ ويجزئه؛ قال ابن المواز من رأيه: بل كسوة رجل كبير؛ وإلا لم يجزئ؛ قال أشهب: تعطى الأنثى إذا لم تبلغ الصلاة ثوب رجل ويجزئ؛ وقاله ابن الماجشون.

وقوله: أو تحرير رقبة ؛ التحرير: الإخراج من الرق؛ ويستعمل في الأسر؛ والمشقات؛ وتعب الدنيا؛ ونحوها؛ فمنه قوله تعالى عنأم مريم: إني نذرت لك ما في بطني محررا ؛ أي من شغوب الدنيا؛ ومن ذلك قول الفرزدق :


أبني غدانة إنني حررتكم ...     فوهبتكم لعطية بن جعال



أي: حررتكم من الهجاء؛ وخص الرقبة من الإنسان إذ هي العضو الذي فيه يكون الغل؛ والتوثق غالبا من الحيوان؛ فهو موضع الملك؛ فأضيف التحرير إليها.

واختلف الناس في صفة المعتق في الكفارة: كيف ينبغي أن يكون؟ فقالت جماعة من العلماء: هذه رقبة مطلقة لم تقيد بأيمان؛ فيجوز في كفارة اليمين عتق الكافر؛ وهذا مذهب الطبري ؛ وجماعة من العلماء؛ وقالت فرقة: كل مطلق في القرآن من هذا فهو راجع إلى المقيد في عتق الرقبة؛ في القتل الخطإ؛ فلا يجزئ في شيء من الكفارات كافر؛ وهذا قول مالك - رحمه الله - وجماعة معه؛ وقال مالك - رحمه الله -: لا يجزئ [ ص: 245 ] أعمى؛ ولا أبرص؛ ولا مجنون؛ وقال ابن شهاب وجماعة؛ وفي الأعور قولان في المذهب؛ وكذلك في الأصم ؛ وفي الخصي؛ وفي العلماء من رأى أن جميع هذا يجزئ؛ وفرق النخعي فجوز عتق من يعمل أشغاله وخدمته؛ ومنع عتق من لا يعمل؛ كالأعمى؛ والمقعد؛ والأشل اليدين؛ قال مالك - رحمه الله -: والأعجمي عندي يجزئ من قصر النفقة؛ وغيره أحب إلي؛ قال سحنون: يريد بعد أن يجيب إلى الإسلام؛ فإن كان الأعجمي لم يجب إلا أنه ممن يجبر على الإسلام؛ كالكبير من المجوس؛ والصغير من الحربيين الكتابيين؛ فقال ابن القاسم : يجزئ عتقه وإن لم يسلم؛ وقال أشهب: لا يجزئ حتى يسلم؛ ولا يجزئ عند مالك من فيه شعبة حرية كالمدبر؛ وأم الولد؛ ونحوهما.

وقوله تعالى: "فمن لم يجد"؛ معناه: لم يجد في ملكه أحد هذه الثلاثة من الإطعام؛ أو الكسوة؛ أو عتق الرقبة؛ واختلف العلماء في حد هذا العادم الوجد حتى يصح له الصيام؛ فقال الشافعي - رحمه الله -؛ وجماعة من العلماء: إذا كان المكفر لا يملك إلا قوته وقوت عياله يومه وليلته؛ فله أن يصوم؛ فإن كان عنده - زائدا على ذلك - ما يطعم عشرة مساكين؛ لزمه الإطعام؛ وهذا أيضا هو مذهب مالك ؛ وأصحابه؛ قال مالك في "المدونة": لا يجزئه صيام وهو يقدر على أحد الوجوه الثلاثة؛ وروي عن ابن القاسم أن من تفضل له نفقة يوم فإنه لا يصوم؛ وقال ابن المواز: ولا يصوم الحانث حتى لا يجد إلا قوته أو يكون في بلد لا يعطف عليه فيه؛ وقال ابن القاسم في كتاب ابن مزين: إن كان لحانث فضل عن قوت يومه؛ أطعم؛ إلا أن يخاف الجوع؛ أو يكون في بلد لا يعطف عليه فيه؛ وقال سعيد بن جبير : إن لم يكن له إلا ثلاثة دراهم؛ أطعم؛ وقال قتادة : إذا لم يكن له إلا قدر ما يكفر به؛ صام؛ وقال الحسن بن أبي الحسن: إذا كان له درهمان؛ أطعم؛ قال الطبري : وقال آخرون: جائز لمن لم تكن عنده مائتا درهم أن يصوم؛ وهو ممن لا يجد؛ وقال آخرون: جائز لمن لم يكن عنده فضل على رأس ماله الذي يتصرف به في معاشه أن يصوم.

وقرأ أبي بن كعب : "فصيام ثلاثة أيام متتابعات"؛ وكذلك عبد الله بن مسعود ؛ وإبراهيم النخعي ؛ وقال بذلك جماعة من العلماء - منهم مجاهد ؛ وغيره -؛ وقال مالك - رحمه الله - وغيره: إن تابع فحسن؛ وإن فرق أجزأ. [ ص: 246 ] وقوله تعالى: ذلك كفارة أيمانكم ؛ إشارة إلى ما ذكر من الأشياء الثلاثة.

وقوله تعالى: إذا حلفتم ؛ معناه: "ثم أردتم الحنث؛ أو وقعتم فيه"؛ وباقي الآية وصاة وتوقيف على النعمة؛ والإيمان.

التالي السابق


الخدمات العلمية