الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4563 ) مسألة قال : ( وولاؤه لسائر المسلمين ) يعني ميراثه لهم ، فإن اللقيط حر الأصل ، ولا ولاء عليه ، وإنما يرثه المسلمون ; لأنهم خولوا كل مال لا مالك له ، ولأنهم يرثون مال من لا وارث له غير اللقيط ، فكذلك اللقيط . وقول الخرقي : " وولاؤه لسائر المسلمين " . تجوز في اللفظ ، لاشتراك سائر المسلمين ومن له الولاء في أخذ الميراث ، وحيازته كله عند عدم الوارث . هذا هو الظاهر .

                                                                                                                                            وهو قول مالك ، والشافعي ، وأكثر أهل العلم . وقال شريح ، وإسحاق : عليه الولاء لملتقطه ; لما روى واثلة بن الأسقع ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { المرأة تحوز ثلاثة مواريث ; عتيقها ، ولقيطها ، وولدها الذي لاعنت عليه } . أخرجه أبو داود ، والترمذي . وقال : حديث حسن ، وقال عمر لأبي جميلة في لقطته : هو حر ، ولك ولاؤه ، وعلينا نفقته . ولنا : قول النبي صلى الله عليه وسلم : { إنما الولاء لمن أعتق } .

                                                                                                                                            ولأنه لم يثبت عليه رق ، ولا على آبائه ، فلم يثبت عليه ولاء ، كالمعروف نسبه ، ولأنه إن كان ابن حرين ، فلا ولاء عليه ، وإن كان ابن معتقين ، فلا يكون عليه ولاء لغير معتقهما . وحديث واثلة لا يثبت . قاله ابن المنذر . وخبر عمر ، قال ابن المنذر : أبو جميلة رجل مجهول ، لا تقوم بحديثه حجة . ويحتمل أن عمر رضي الله عنه عنى بقوله : ولك ولاؤه . أي لك ولايته ، والقيام به وحفظه . لذلك ذكره عقيب قول عريفه : إنه رجل صالح . وهذا يقتضي تفويض الولاية إليه ، لكونه مأمونا عليه دون الميراث

                                                                                                                                            إذا ثبت هذا ، فإن حكم اللقيط في الميراث حكم من عرف نسبه ، وانقرض أهله ، يدفع إلى بيت المال إذا لم يكن له وارث . فإن كان له زوجة فلها الربع ، والباقي لبيت المال . وإن كانت امرأة لها زوج ، فله النصف ، والباقي لبيت المال . وإن كانت له بنت ، أو ذو رحم ، كبنت بنت ، أخذت جميع المال ; لأن الرد وذا الرحم مقدم على بيت المال . والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية