الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4578 ) فصل : وإذا ادعاه اثنان ، فألحقته القافة بهما ، لحق بهما ، وكان ابنهما ، يرثهما ميراث ابن ، ويرثانه جميعا ميراث أب واحد . وهذا يروى عن عمر ، وعلي رضي الله عنهما . وهو قول أبي ثور . وقال أصحاب الرأي : يلحق بهما بمجرد الدعوى . وقال الشافعي : لا يلحق بأكثر من والد ، فإذا ألحقته بهما سقط قولهما ، ولم يحكم لهما . واحتج برواية عن عمر رضي الله عنه أن القافة قالت : قد اشتركا فيه . فقال عمر : وال أيهما شئت . ولأنه لا يتصور كونه من رجلين ، فإذا ألحقته القافة بهما ، تبينا كذبهما ، فسقط قولهما ، كما لو ألحقته بأمين ، ولأن المدعيين لو اتفقا على ذلك ، لم يثبت ، ولو ادعاه كل واحد منهما ، وأقام بينة ، سقطتا ، ولو جاز أن يلحق بهما ، لثبت باتفاقهما ، وألحق بهما عند تعارض بينتهما . ولنا ما روى سعيد ، في " سننه " : ثنا سفيان ، عن يحيى عن سعيد ، عن سليمان بن يسار ، عن عمر ، في امرأة وطئها رجلان في طهر ، فقال القائف : قد اشتركا فيه جميعا . فجعله بينهما . وبإسناده عن الشعبي قال : وعلي يقول : هو ابنهما ، وهما أبواه ، يرثهما ويرثانه . ورواه الزبير بن بكار ، بإسناده عن عمر . وقال الإمام أحمد حديث قتادة عن سعيد عن عمر ، جعله بينهما ، وقابوس عن أبيه عن علي ، جعله بينهما . وروى الأثرم ، بإسناده عن سعيد بن المسيب ، في رجلين اشتركا في طهر امرأة ، فحملت فولدت غلاما يشبههما ، فرفع ذلك إلى [ ص: 49 ] عمر بن الخطاب رضي الله عنه فدعا القافة فنظروه ، فقالوا : نراه يشبههما . فألحقه بهما ، وجعله يرثهما ويرثانه . قال سعيد : عصبته الباقي منهما . وما ذكروه عن عمر لا نعلم صحته ، وإن صح فيحتمل أنه ترك قول القافة لأمر آخر ، إما لعدم ثقتهما ، وإما لأنه ظهر له من قولهما واختلافهما ما يوجب تركه ، فلا ينحصر المانع من قبول قولهما في أنهما اشتركا فيه . قال أحمد : إذا ألحقته القافة بهما ، ورثهما وورثاه ، فإن مات أحدهما ، فهو للباقي منهما ، ونسبه من الأول قائم ، لا يزيله شيء . ومعنى قوله : " هو للباقي منهما " . والله أعلم ، أنه يرثه ميراث أب كامل ، كما أن الجدة إذا انفردت أخذت ما يأخذه الجدات ، والزوجة تأخذ وحدها ما يأخذه جميع الزوجات .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية