الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            السؤال الثاني : احتج بعض أصحابنا بقوله : ( واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ) على أن فعل العبد مخلوق لله تعالى ، فقال : إن الله تعالى عاب هؤلاء الكفار من حيث عبدوا ما لا يخلق شيئا ، وذلك يدل على أن من خلق يستحق أن يعبد ، فلو كان العبد خالقا لكان معبودا إلها ، أجاب الكعبي عنه بأنا لا نطلق اسم الخالق إلا على الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                            وقال بعض أصحابنا في الخلق : إنه الإحداث لا بعلاج وفكر وتعب ، ولا يكون ذلك إلا لله تعالى ، ثم قال : وقد قال تعالى : ( ألهم أرجل يمشون بها ) [ الأعراف : 195] في وصف الأصنام ، أفيدل ذلك على أن كل من له رجل يستحق أن يعبد ؟ فإذا قالوا : لا ، قيل : فكذلك ما ذكرتم ، وقد قال تعالى : ( فتبارك الله أحسن الخالقين ) [المؤمنون : 14] هذا كله كلام الكعبي .

                                                                                                                                                                                                                                            والجواب : قوله : لا يطلق اسم الخالق على العبد ، قلنا : بل يجب ذلك ؛ لأن الخلق في اللغة هو التقدير ، والتقدير يرجع إلى الظن والحسبان ، فوجب أن يكون اسم الخالق حقيقة في العبد ، مجازا في الله تعالى ، فكيف يمكنكم منع إطلاق لفظ الخالق على العبد ؟ أما قوله تعالى : ( ألهم أرجل يمشون بها ) فالعيب إنما وقع عليهم بالعجز ، فلا جرم أن كل من تحقق العجز في حقه من بعض الوجوه لم يحسن عبادته . وأما قوله تعالى : ( فتبارك الله أحسن الخالقين ) فقد تقدم الكلام عليه .

                                                                                                                                                                                                                                            واعلم أن هذه الآية لا يقوى استدلال أصحابنا بها لاحتمال أن العيب لا يحصل إلا بمجموع أمرين :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدهما : أنهم ليسوا بخالقين .

                                                                                                                                                                                                                                            والثاني : أنهم مخلوقون .

                                                                                                                                                                                                                                            والعبد وإن كان خالقا إلا أنه مخلوق ، فلزم أن لا يكون إلها معبودا .

                                                                                                                                                                                                                                            السؤال الثالث : هل تدل هذه الآية على البعث ؟

                                                                                                                                                                                                                                            الجواب : نعم ؛ لأنه تعالى ذكر النشور ، ومعناه أن المعبود يجب أن يكون قادرا على إيصال الثواب إلى المطيعين ، والعقاب إلى العصاة ، فمن لا يكون كذلك وجب أن لا يصلح للإلهية .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية