الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              2274 [ ص: 446 ] 16 - باب: من باع مال المفلس أو المعدم فقسمه بين الغرماء، أو أعطاه حتى ينفق على نفسه

                                                                                                                                                                                                                              2403 - حدثنا مسدد، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا حسين المعلم، حدثنا عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله قال: أعتق رجل غلاما له عن دبر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " من يشتريه مني؟ ". فاشتراه نعيم بن عبد الله، فأخذ ثمنه، فدفعه إليه. [انظر: 2141 - مسلم: 997 - فتح: 5 \ 65]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث جابر في بيع المدبر، وقد سلف في باب بيع المدبر، ولا يفهم من الحديث معنى قوله في الترجمة: فقسمه بين الغرماء؛ لأن الذي باع عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مدبره لم يكن له مال غيره، وذكره في الأحكام، ولم يذكر فيه أنه كان عليه دين، وإنما باع عليه مدبرا لم يكن له مال غيره؛ لأن من سننه أن لا يتصدق المرء بماله كله ويبقى فقيرا فيتعرض لفتنة الفقر، ولذلك قال - عليه السلام -: " خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، وابدأ بمن تعول" وعوله لنفسه أوكد من الصدقة.

                                                                                                                                                                                                                              وأما قسمة مال المفلس بين الغرماء فهو أصل مجمع عليه إذا قام عليه غرماؤه، وحال الحاكم بينه وبين ماله ووقفه لهم، ولا يخرج هذا المعنى من حديث جابر أصلا، قاله ابن بطال . [ ص: 447 ]

                                                                                                                                                                                                                              وقال ابن المنير : احتمل عند البخاري دفع الثمن إليه أن يكون باعه عليه؛ لأنه لم يكن يملك سواه فلما أجحف بنفسه تولى بيعه بنفسه لأجل تعلق حق التدبير، والحقوق إذا بطلت احتيج في فسخها إلى الحكم، فعلى هذا التأويل يكون دفع الثمن إليه حتى ينفقه على نفسه، واحتمل عنده أن يكون باعه عليه؛ لأنه مديان؛ ومال المديان يقسم بين الغرماء ويكون سلمه إليه ليقسمه بين غرمائه، ولهذا ترجم على التقديرين.

                                                                                                                                                                                                                              قلت: الحديث صريح في الثاني، وقد قال - عليه السلام - في رواية: "اقض دينك"، وبيعه هو مذهب الشافعي وأحمد، وعند مالك: يرده الدين الذي قبله.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية