الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  909 4 - حدثنا عبيد بن إسماعيل ، قال : حدثنا أبو أسامة ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : دخل أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بعاث ، قالت : وليستا بمغنيتين ، فقال أبو بكر : أبمزامير الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك في يوم عيد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا بكر ، إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة المروية عن الحموي غير ظاهرة اللهم إلا إذا قلنا بالتكلف بأن قوله صلى الله عليه وسلم : "وهذا عيدنا" تقرير منه لما وقع من الجاريتين في هذا اليوم الذي هو يوم السرور والفرح ، وتقريره رضاه بذلك ، والرضى منه صلى الله عليه وسلم يقوم مقام الدعاء ، وأما مطابقته للترجمة المروية عن الأكثرين فلا تتأتى إلا إذا حملنا لفظ السنة على معناها اللغوي ، وبهذا المقدار يستأنس به وجه المطابقة وفيه الكفاية ، وحديث عائشة هذا قد مضى الكلام فيه في «باب الحراب والدرق يوم العيد" لأنه أخرجه هناك عن أحمد بن عيسى ، عن ابن وهب ، عن عمرو ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن عروة عن عائشة ، وهنا أخرجه عن عبيد بن إسماعيل الهباري القرشي الكوفي وهو من أفراد البخاري يروي عن أبي أسامة حماد بن أسامة ، عن هشام بن عروة عن أبيه عروة ، عن عائشة ، ومن زوائده على ذاك قوله : «وليستا بمغنيتين" أي ليس الغناء عادة لهما ولا هما معروفتان به ، وقال القاضي عياض : أي ليستا ممن تغني بعادة المغنيات من التشويق والهوى والتعريض بالفواحش والتشبب بأهل الجمال وما يحرك النفوس ، كما قيل : الغنا رقية الزنا ، وليستا أيضا ممن اشتهر بإحسان الغناء الذي فيه تمطيط وتكسير وعمل يحرك الساكن ويبعث الكامن ، ولا ممن اتخذه صنعة وكسبا ، وقال الخطابي : هي التي اتخذت الغناء صناعة ، وذلك مما لا يليق بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم ، وأما الترنم بالبيت والبيتين وتطريب الصوت بذلك مما ليس فيه فحش أو ذكر محظور فليس مما يسقط المروءة ، وحكم اليسير منه خلاف حكم الكثير ، قوله : "أبمزامير" ويروى "أمزامير" بدون الباء أي أتلتبسون أو تشتغلون بها ، وهو جمع مزمور ، وقد مر معناه مستقصى ، قوله : "وهذا عيدنا" يريد به أن إظهار السرور في العيدين من شعائر الدين وإعلاء أمره ، قاله الخطابي ، قيل : وفيه دليل على أن العيد موضوع للراحات وبسط النفوس والأكل والشرب والجماع ، ألا ترى أنه أباح الغناء من أجل عذر العيد .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية