الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 318 ] قال تعالى : ( وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا ( 13 ) ) .

و ( يثرب ) : لا ينصرف للتعريف ووزن الفعل ، وفيه التأنيث .

و ( يقولون ) : حال ، أو تفسير ليستأذن .

و ( عورة ) : أي ذات عورة .

ويقرأ بكسر الواو ، والفعل منه عور ، فهو اسم فاعل .

قال تعالى : ( ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لأتوها وما تلبثوا بها إلا يسيرا ( 14 ) ) .

و ( لأتوها ) بالقصر : جاءوها ، وبالمد أي أعطوها ما عندهم من القوة والبقاء .

و ( إلا يسيرا ) : أي إلا لبثا ، أو إلا زمنا ، ومثله : ( إلا قليلا ) .

قال تعالى : ( ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار وكان عهد الله مسئولا ( 15 ) ) .

( لا يولون ) : جواب القسم ؛ لأن عاهدوا في معنى أقسموا .

ويقرأ بتشديد النون وحذف الواو على تأكيد جواب القسم .

قال تعالى : ( قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا ( 18 ) ) .

و ( هلم ) قد ذكر في الأنعام إلا أن ذاك متعد ، وهذا لازم .

قال تعالى : ( أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا ( 19 ) ) .

قوله تعالى : ( أشحة ) : هو جمع شحيح ، وانتصابه على الحال من الضمير في ( يأتون )

و ( أشحة ) الثاني حال من الضمير المرفوع في سلقوكم .

[ ص: 319 ] و ( ينظرون ) : حال ؛ لأن رأيتهم : أبصرتهم .

و ( تدور ) حال من الضمير في ينظرون .

( كالذي ) : أي دورانا كدوران عين الذي .

ويجوز أن تكون الكاف حالا من أعينهم ؛ أي مشبهة عين الذي .

قال تعالى : ( يحسبون الأحزاب لم يذهبوا وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بادون في الأعراب يسألون عن أنبائكم ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلا قليلا ( 20 ) ) .

قوله تعالى : ( يحسبون ) : يجوز أن يكون حالا من أحد الضمائر المتقدمة إذا صح المعنى وتباعد العامل فيه . ويجوز أن يكون مستأنفا .

و ( بادون ) : جمع باد . وقرئ " بدا " مثل غاز وغزى .

و ( يسألون ) : حال .

قال تعالى : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ( 21 ) ) .

قوله تعالى : ( أسوة ) : الكسر والضم لغتان ، وهو اسم للتأسي ، وهو المصدر ، وهو اسم كان ، والخبر : " لكم " .

و ( في رسول الله ) : حال ، أو ظرف يتعلق بالاستقرار ، لا بأسوة ، أو بكان على قول من أجازه .

ويجوز أن يكون " في رسول الله " الخبر ، و " لكم " تخصيص وتبيين .

( لمن كان ) : قيل : هو بدل من ضمير المخاطب بإعادة الجار . ومنع منه الأكثرون ؛ لأن ضمير المخاطب لا يبدل منه ؛ فعلى هذا يجوز أن يتعلق بحسنة ، أو يكون نعتا لها ؛ ولا تتعلق بأسوة لأنها قد وصفت .

و ( كثيرا ) : نعت لمصدر محذوف .

التالي السابق


الخدمات العلمية