الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال : ( وإذا فقد الرجل فارتفع ، ورثته إلى القاضي وأقروا أنه فقد ، وسألوا قسمة ماله ، فإنه لا يقسم حتى تقوم البينة على موته ) لما بينا أنه حي في حق نفسه ، ومال الحي لا يقسم بين ورثته ، فما لم يثبت موته بالبينة عند القاضي لا يشتغل بقسمة ماله ( فإن قيل : ) كيف تقبل البينة للقضاء بها على الغائب ( قلنا : ) بأن يجعل من في يده المال خصما عنه أو ينصب عنه قيما في هذه الولاية ، وإذا قامت البينة على من ينصبه القاضي فيما قضى بموته .

( فإن قيل : ) كان ينبغي أن يجعله ميتا حكما لانقطاع خبره فيقسم ماله ، وإن لم تقم البينة على موته كالمرتد اللاحق بدار الحرب . ( قلنا : ) هناك ظهر دليل الحكم بموته ، وهو أنه صار حربيا ، وأهل الحرب في حق من هو في دار الإسلام كالميت ، ولم يظهر هنا دليل موجب لموته حقيقة ولا حكما ، ولأن هناك لو ظفر به الإمام موته حقيقة بأن يقتله ، فإذا عجز عن ذلك بدخوله دار الحرب موته حكما فقسم ماله ، ولا يتحقق ذلك المعنى هنا قال : ( وتفسير المفقود الرجل يخرج في سفر ولا يعرف موته ولا حياته ولا موضعه ، ولا يأسره العدو ، ولا يستبين موته ولا قتله ) فهذا مفقود لا يقضي القاضي في شيء من أمره حتى تقوم البينة أنه مات أو قتل .

التالي السابق


الخدمات العلمية