الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وبخلاف : اشترها لي باثني عشر لأجل وأشتريها بعشرة نقدا ، فتلزم بالمسمى ، ولا تعجل العشرة ، .

[ ص: 110 ] وإن عجلت : أخذت ، وله جعل مثله ، وإن لم يقل : لي فهل لا يرد البيع إذا فات وليس على الآمر إلا العشرة ؟ أو يفسخ الثاني مطلقا إلا أن يفوت فالقيمة ؟ قولان . .

التالي السابق


( وبخلاف ) قول الآمر ( اشترها لي باثني عشر لأجل وأشتريها ) منك ( بعشرة نقدا ) فلا يجوز لأنه سلف بزيادة ولا تنافي بين قوله اشترها لي وقوله وأشتريها لأن المعنى : اشترها لنفسك لأجل بيعها لي وإن وقع ( فتلزم ) السلعة الآمر ( ب ) الثمن ( المسمى ) بضم الميم الأولى وفتح الثانية أي الاثني عشر للأجل ( ولا تعجل ) بضم الفوقية وفتح العين والجيم مشددة ( العشرة ) للمأمور لأنه سلف بزيادة لأن الآمر استأجر المأمور على شراء [ ص: 110 ] السلعة له بتسليفه عشرة ينتفع بها إلى الأجل ويقضي عنها اثني عشر قاله الشارح ، وهو يفيد جواز تعجيلها البائع الأصلي وللمأمور على أنه إذا حل أجل الاثني عشر يدفعها الآمر . وفي المقدمات المسألة الثالثة أن يقول : اشترها لي باثني عشر لأجل وأنا أبتاعها بعشرة نقدا فهذا حرام لا يجوز لأنه استأجر المأمور على أن يبتاع له السلعة بسلف عشرة دنانير يدفعها إليه ينتفع بها إلى أجل ثم يردها إليه ، فإذا وقع ذلك لزمت السلعة الآمر بالاثني عشر إلى الأجل ولا يتعجل المأمور العشرة منه وإن قد دفعها إليه ردها إليه ولا يتركها عنده إلى الأجل ، وله جعل مثله بالغا ما بلغ في هذا الوجه باتفاق ا هـ .

( وإن عجلت ) بضم العين وكسر الجيم مثقلا العشرة للمأمور ( أخذها ) أي الآمر العشرة من المأمور ولا يتركها عنده إلى الأجل ولا يفسد العقد بتعجيلها لأنه سلف مستقل بعد بيع صحيح ( وله ) أي المأمور ( جعل مثله ) ولو زاد على الدرهمين لأن المسلف هنا وهو الآمر فعومل بنقيض قصده ( وإن ) قال : اشترها باثني عشر لأجل وآخذها بعشرة نقدا و ( لم يقل ) الآمر ( لي ) سواء قال لنفسك أو لا واشتراها المأمور باثني عشر لأجل وباعها للآمر بعشرة نقدا ( فهل لا يرد ) بضم التحتية وفتح الراء وشد الدال أي لا يفسخ ( البيع ) الثاني من المأمور للآمر بعشرة نقدا ( إذا فات ) المبيع بيد الآمر ( وليس على ) الشخص ( الآمر ) بمد الهمز وكسر الميم ( إلا العشرة ) التي اشترى بها السلعة من المأمور رواه سحنون عن ابن القاسم ، قال : وأحب إلي أن يزيده الدينارين ومفهوم إذا فات فسخ البيع الثاني إذا لم يفت . ( أو يفسخ ) بضم التحتية البيع ( الثاني ) من المأمور للآمر بعشرة نقدا فسخا ( مطلقا ) عن التقييد بعدم الفوات وترد عينها ( إلا أن تفوت ) السلعة بيد الآمر ( فالقيمة ) لها يوم قبضها الآمر يردها بدلها ، وهذا قول ابن حبيب .

[ ص: 111 ] تنبيهان ) : الأول : قوله في الموضعين وآخذها وفي الثالث وأشتريها يجوز فيه النصب بأن مضمرة وجوبا بعد الواو في جواب الأمر ، والرفع بتقدير مبتدأ أي وأنا . الثاني : من هذا الباب ما يفعله بعض الناس من الحيل على السلف بزيادة بأن يدفع للمتسلف نقدا ويقول اشتر به سلعة لي وأبيعها لك بربح لأجل كذا ، ولا إشكال في منعه . وفي العتبية سئل عمن أبضع مع من يشتري له طعاما ثم أخبره أنه ابتاع طعاما واكتاله وسأله أن يبيعه له فقال ما أحبه وما يعجبني . ابن رشد كرهه لعدم تحققه ابتياعه واكتياله لاحتمال كذبه ولو تحققه ما كرهه إلا أن يكون الوكيل في هذه المسألة هو المبتاع للطعام بالثمن الذي دفعه له موكله فلا يجوز بيعه منه بأكثر مما دفعه له وإن تحقق قبضه ، ولا بدنانير إن كان دفع له دراهم ، ولا بدراهم إن كان دفع له دنانير ، إلا أن يكون البخس في العرف على رب الطعام فترتفع التهمة في ذلك قاله ابن دحون وهو صحيح ا هـ . وفي النوادر روى أشهب عن مالك " رضي الله عنه " في الرجل يبضع مع الرجل يبتاع له طعاما فأخبره أنه فعل وأنه أمره ببيعه فقال : ما يعجبني ذلك ا هـ .

وفي السلم الثاني من المدونة وما ابتعته بعينه من الطعام والشراب جزافا أو اشتريته من سائر العروض بعينه أو مضمونا على كيل أو وزن أو جزاف من عطر أو زئبق أو مسك أو حديد أو نوى وشبهه فلا بأس ببيعه قبل قبضه من بائعك أو غيره وتحيله عليه إلا أن يكون من أهل العينة فلا يجوز بأكثر مما ابتعت ، والله سبحانه وتعالى أعلم




الخدمات العلمية