الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( الثالث ) بيان محل التسليم على تفصيل فيه حاصله ( المذهب أنه إذا أسلم ) سلما حالا أو مؤجلا وهما ( بموضع لا يصلح للتسليم أو ) سلما مؤجلا وهما بمحل ( يصلح ) له ( و ) لكن ( لحمله ) أي المسلم فيه ( مؤنة ) أي عرفا كما هو واضح ( اشترط بيان محل ) بفتح الحاء أي مكان ( التسليم ) للمسلم فيه لتفاوت الأغراض فيما يراد من الأمكنة في ذلك ( وإلا ) بأن صلح للتسليم والسلم حال أو مؤجل لا مؤنة لحمل ذلك عليه ( فلا ) يشترط ما ذكر ويتعين محل العقد للتسليم للعرف فيه فإن عينا غيره تعين بخلاف المبيع المعين ؛ لأن السلم لما قبل التأجيل قبل شرطا يقتضي تأخير التسليم ولو خرج المعين للتسليم عن الصلاحية تعين أقرب محل صالح له ، ولو أبعد منه [ ص: 10 ] بلا أجرة على الأوجه ؛ لأنه من تتمة التسليم الواجب ولا خيار للمسلم ولا يجاب المسلم إليه لو طلب الفسخ ورد رأس المال ، ولو لغا برهن وخلاص ضامن على المعتمد وللإسنوي والبلقيني هنا ما فيه نظر ، ولو انهدمت دار عينت للرضاع المستأجر له ولم يتراضيا بمحل غيرها فسخ كما أفتى به البلقيني ويفرق بينه وبين ما نحن فيه بأن المدار هنا على ما يليق بحفظ المال ومؤنة والغالب استواء المحلة فيهما ومن ثم قالوا المراد بمحل العقد هنا محلته لا خصوص محله وقالوا لو قال تسلمه لي في بلد كذا وهي غير كبيرة كبغداد كفى إحضاره في أولها وإن بعد عن منزله أو في أي محل شئت منه صح إن لم تتسع وثم على حفظ الأبدان وهو مختلف باختلاف الدور ومن ثم لو عينا دارا للرضاع تعينت .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قول المصنف لا يصلح للتسليم ) أي بأن كان خرابا أو مخوفا أخذا مما سيأتي من التسوية بين الخراب والخوف ( قوله مؤجلا ) بخلاف الحال والحاصل أنه إن لم يصلح الموضع وجب البيان مطلقا وإن صلح وليس لحمله مؤنة لم يجب البيان مطلقا وإن صلح ولحمله مؤنة وجب البيان في المؤجل دون الحال وبهذا يعلم احتياج كلام المحلي للتقييد م ر ( قوله حال ) أي مطلقا ( قوله فإن عينا غيره تعين بخلاف المبيع المعين ) قال في الروض والثمن في الذمة كالمسلم فيه والمعين كالمبيع أي المعين وفي التتمة كل عوض أي من نحو أجرة وصداق وعوض خلع ملتزم في الذمة أي غير مؤجل له حكم السلم الحال قال في شرحه إن عين لتسليمه مكان جاز وتعين وإلا تعين موضع العقد انتهى ( قوله بخلاف المبيع المعين ) ظاهره أن المعنى فلا يتعين لكن المفهوم من التعليل أنه يبطل البيع بهذا الشرط .

                                                                                                                              ( قوله ولو خرج المعين للتسليم عن الصلاحية فيه ) عبارة [ ص: 10 ] العباب ولو طرأ على موضع عين للتسليم خراب أي أخرجه عن صلاحيته للتسليم سلم في أقرب موضع صالح له انتهى قال في شرحه على الأقيس في الروضة من أوجه ثلاثة ثم قال في العباب أو خوف أي أو طرأ خوف على نحو نفس المال أو اختصاص لم يلزم المستحق قبوله ولا غريمه نقله إلى غيره فله الفسخ أو الصبر انتهى قال في شرحه وقوله أو خوف إلخ هو ما قاله الروياني كالماوردي وهو أحد الأوجه الثلاثة وقد علمت أن الأقيس منها تعين أقرب موضع صالح سواء أخرب المعين أم صار مخوفا فلا عذر للمصنف فيما فهمه من أن حكم الخراب غير حكم الخوف إذ لا يشهد له المعنى وهو واضح ولا النقل الذي جرى عليه في الروضة ؛ لأن كلامها صريح أنه لا فرق وأطال جدا في بيان ذلك ( قوله بلا أجرة ) أي يأخذها المسلم في الأبعد أو المسلم إليه في الأنقص والمراد أجرة الزيادة في الأبعد والنقص في الأنقص .

                                                                                                                              ( قوله ومن ثم لو عينا دارا إلخ ) قضية هذا أن نظيره لا يأتي هنا وفيه نظر يعلم مما سبق ويمكن الفرق بأن الخوف على الأبدان أقوى من الخوف على الأموال كما يدركه الإنسان بالوجدان .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله بيان إلخ ) دفع به ما يرد على المتن من عدم صحة الحمل إذ الشرط الثالث بيان محل التسليم لا المذهب إلخ ( قوله فيه ) أي محل التسليم ( قوله حاصله ) أي التفصيل ( قوله سلما حالا ) إلى قوله بلا أجرة في المغني إلا قوله أي عرفا كما هو واضح وإلى قول المتن ويشترط في النهاية إلا ما ذكر . قول المتن ( لا يصلح للتسليم ) أي بأن كان خرابا أو مخوفا أخذا مما سيأتي من التسوية بين الخراب والخوف ا هـ سم ( قوله مؤجلا ) بخلاف الحال والحاصل أنه إن لم يصلح الموضع وجب البيان مطلقا وإن صلح ولحمله مؤنة وجب البيان في المؤجل دون الحال وبهذا يعلم احتياج كلام المحلي إلى التقييد م ر ا هـ سم وقوله مطلقا أي حالا كان السلم أو مؤجلا وعلى كل للحمل مؤنة أو لا فهذه أربع صور يجب فيها البيان وكذا تحت قوله وإن صلح إلخ أربع صور يجب البيان في صورة كون السلم مؤجلا وللحمل مؤنة دون الثلاث الباقية ، كون السلم حالا للحمل مؤنة أو لا ، وكونه مؤجلا ولا مؤنة للحمل ( قوله من الأمكنة ) بيان لما ( قوله في ذلك ) أي في محل التسليم وفي بمعنى اللام متعلق بيراد ( قوله حال ) أي مطلقا ا هـ سم ( قوله فإن عينا غيره تعين ) ظاهره ولو غير صالح وقرر شيخنا أنه إذا عينا غير صالح بطل العقد حلبي وفي القليوبي على الجلال ومتى عينا غير صالح بطل العقد ا هـ بجيرمي ( قوله فإن عينا غيره إلخ ) والثمن في الذمة كالمسلم فيه والثمن المعين كالمبيع المعين وفي التتمة كل عوض أي من نحو أجرة وصداق وعوض خلع ملتزم في الذمة أي غير مؤجل له حكم السلم الحال أي إن عين لتسليمه مكان جاز وتعين وإلا تعين موضع العقد مغني وشرح الروض وأقره سم ( قوله بخلاف المبيع المعين ) أي حيث يبطل بتعيين غير محل العقد للقبض ومنه ما تقدم من أنه لو اشترى حطبا أو نحوه وشرط على البائع إيصاله إلى بيت المشتري حيث يبطل العقد ا هـ ع ش ( قوله عن الصلاحية ) بأن طرأ عليه خراب أخرجه عن صلاحية التسليم أو خوف على نحو نفس أو مال أو اختصاص ا هـ سم عن الإيعاب عبارة ع ش أي سواء كان ذلك بخراب أو خوف أو غيرهما ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله تعين أقرب محل [ ص: 10 ] إلخ ) بقي ما لو تساوى المحلان هل يراعى جانب المسلم أو المسلم إليه فيه نظر والأقرب تخيير المسلم إليه لصدق كل من المحلين بكونه صالحا للتسليم من غير ترجيح لغيره عليه ا هـ ع ش ( قوله بلا أجرة ) أي يأخذها المسلم في الأبعد أو المسلم إليه في الأنقص والمراد أجرة الزيادة في الأبعد والنقص في الأقرب سم على حج ا هـ ع ش قوله المسلم إليه في الأنقص لعل الظاهر العكس ( قوله ورد رأس المال ) عطف على الفسخ ( قوله فسخ ) عبارة النهاية فله الفسخ ا هـ أي يجوز لولي الرضيع فسخ الإجارة قال ع ش أفاد أنه لا ينفسخ بنفس الانهدام وعليه فلو لم يتراضيا أعرض عنهما حتى يصطلحا على شيء وقضيته أيضا أنه لا يشترط الفور في الفسخ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ومؤنه ) عطف على قوله ما يليق ا هـ رشيدي ( قوله استواء المحلة ) أي الناحية ا هـ ع ش ( قوله فيهما ) أي ما يليق إلخ والمؤن ( قوله تسلمه ) بصيغة المضارع من التسليم ( قوله كبغداد ) تمثيل للكبيرة فلا يكفي الإطلاق بل لا بد من تعيين المحلة ا هـ سيد عمر ( قوله في أولها ) أي غير الكبيرة ( قوله لم يتسع ) عبارة المغني ولو قال في أي البلاد شئت فسد أو في أي مكان شئت من بلد كذا فإن اتسع لم يجز وإلا جاز أو ببلدي كذا فهل يفسد أو يصح وينزل على تسليم النصف بكل بلد وجهان أصحهما كما قال الشاشي الأول قال في المطلب والفرق بين تسليمه في بلد كذا وتسليمه في شهر كذا حيث لا يصح اختلاف الغرض في الزمان دون المكان ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وثم ) أي والمدار في مسألة الاستئجار للرضاع ( قوله ومن ثم لو عينا إلخ ) قضيته أن نظيره لا يأتي هنا وفيه نظر يعلم مما سبق ويمكن الفرق بأن الخوف على الأبدان أقوى من الخوف على الأموال كما يدركه الإنسان بالوجدان ا هـ سم .




                                                                                                                              الخدمات العلمية