الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
ولما كان المحلى يشارك النجس في حرمة الاستعمال ذكره بعده فقال ( وحرم ) ( استعمال ذكر ) بالغ ( محلى ) بذهب أو فضة نسجا كان أو طرزا أو زرا ، وأما الصغير فيكره لوليه إلباسه الذهب والحرير ويجوز له إلباسه الفضة هذا هو المعتمد ونبه بالمحلى على أحروية الحلي نفسه كأساور ، وأما اقتناؤه للعاقبة أو لزوجة مثلا يتزوجها فجائز وكذا التجارة فيه ( ولو ) كان المحلى ( منطقة ) بكسر الميم وهي التي تشد بالوسط خلافا لقول ابن وهب [ ص: 63 ] لا بأس باتخاذها مفضضة ( و ) لو ( آلة حرب ) كانت مما يضارب بها كرمح وسكين أو يتقى بها كترس أو يركب فيها كسرج أو يستعان بها على الفرس كلجام ( إلا المصحف ) مثلث الميم فلا يحرم تحليته بأحد النقدين للتعظيم إلا أن تحلية جلده من خارج جائزة بخلاف كتابته أو كتابة أجزائه أو إعشاره بذلك أو بالحمرة فمكروه لأنه يشغل القارئ عن التدبر وانظر هل يتم ذلك بالنسبة للحمرة وتخصيصه مخرج لسائر الكتب ولو كتب الحديث فيمنع وهو كذلك خلافا لاستحسان البرزلي وشيوخه جواز تحلية الإجازة ( و ) إلا ( السيف ) فلا يحرم تحليته كانت فيه كقبضته أو كجفيره إلا أن يكون لامرأة فيحرم لأنه كالمكحلة وظاهره ولو كانت تقاتل ( و ) إلا ( الأنف ) فيجوز اتخاذه من أحد النقدين ( و ) إلا ( ربط سن ) تخلخل أو سقط بشريط ( مطلقا ) بذهب أو فضة وهو راجع لجميع ما تقدم ( و ) إلا ( خاتم الفضة ) فيجوز بل يندب إن لبسه للسنة لا لعجب واتحد وكان درهمين فأقل وإلا حرم وندب جعله في اليسرى ( لا ) يجوز للذكر ( ما ) أي خاتم ( بعضه ذهب ) ( ولو قل ) والمعتمد أنه إذا قل لا يحرم بل يكره ولو تميز الذهب ولم يخلط بالفضة [ ص: 64 ] بخلاف المساوي والظاهر أن المطلي بالذهب لا يحرم لأنه تابع للفضة

التالي السابق


( قوله : أو طرزا أو زرا ) أي فلا فرق بين كون الحلية متصلة بالثوب أو منفصلة ( قوله : هذا هو المعتمد ) ومقابله أنه يحرم على الولي إلباس الصغير الذهب والحرير ويكره إلباسه الفضة وهو قول ابن شعبان ورجحه في التوضيح وما قاله الشارح هو ظاهر المذهب عند كثير من الشيوخ وشهره في الشامل وهو الظاهر من جهة نقول المذهب وقول ابن شعبان أظهر من جهة الدليل انظر بن ( قوله : كأساور ) أي وخلاخل وقرط ( قوله : وأما اقتناؤه ) أي المحلى أو الحلي ( قوله : للعاقبة ) أي أولا بقصد شيء واحترز عن اقتنائه بقصد استعماله هو فإنه يحرم مثل استعماله بالفعل ( قوله : مثلا ) أي أو بنت ( قوله : ولو كان المحلى ) أي الذي تحلى به الذكر البالغ ، وأما المرأة فلا حرمة عليها في ذلك كما يأتي في قوله وجاز للمرأة الملبوس مطلقا والمنطقة من جملة الملبوس ( قوله : بكسر الميم ) أي وسكون النون بعدها وفتح الطاء [ ص: 63 ] قوله : لا بأس باتخاذها ) أي للرجال ( قوله : ولو آلة حرب ) أي يحرم تحليتها على الرجال وكذا على النساء ورد بلو على من قال بجواز تحلية الذكر البالغ آلة الحرب مطلقا لما في ذلك من إرهاب العدو ( قوله : فلا يحرم تحليته بأحد النقدين ) أي لا لرجل ولا لامرأة ( قوله : إلا أن تحلية جلده ) أي بأحد النقدين وقوله من خارج أي من خارج الجلد ( قوله : وانظر هل يتم ذلك ) أي التعليل بالنسبة للحمرة وحينئذ فما ذكروه من الكراهة بالكتابة بالحمرة مسلم أو لا يتم وحينئذ فلا كراهة .

قال شيخنا العدوي وأنا أقول لا وجه للكراهة والظاهر الجواز بل في البرزلي ما يفيد جواز كتابته بالذهب ومفاد عج اعتماده ( قوله : وتخصيصه ) أي المصحف بالذكر دون غيره من الكتب ( قوله : فيمنع ) أي تحليتها بأحد النقدين وكذلك المقلمة والدواة وفي البرزلي جواز تحلية الدواة إن كتب بها المصحف وقوله وهو كذلك أي فقد نص على المنع ابن شاس في الجواهر وسند في الطراز .

واعلم أنه يجوز كتابة القرآن في الحرير وتحليته به ويمتنع كتابة العلم والسنة فيه بالنسبة للرجل ويتفق على الجواز بالنسبة للنساء وخلاصته أنه يجري على افتراشه فيكون المشهور منعه للرجال وجوازه للنساء قاله شيخنا في الحاشية ( قوله : خلافا لاستحسان البرزلي ) أي فألحق منع تحليتها بأحد النقدين من داخل أو من خارج لرجل أو امرأة ; لأنها ليست ملبوسا بل وكذا يمتنع تحليتها بالحرير فيما يظهر كما قاله شيخنا في الحاشية ( قوله : وإلا السيف ) قال شيخنا أي إذا كان اتخاذه لأجل الجهاد في سبيل الله ، وأما إذا كان اتخاذه لأجل حمله في بلاد الإسلام فلا يجوز تحليته ( قوله : فلا يحرم تحليته ) أي لورود السنة بتحليته لا لكونه أعظم آلات الحرب ( قوله : والأنف وربط سن ) أشعر اقتصاره عليهما منع غيرهما كأنملة أو أصبع وزاد الشافعية الأنملة لا الأصبع وقاسوها على الأنف والسن الوارد في النص ( قوله : وربط سن ) أي وله أيضا اتخاذ الأنف وربط السن معا والمراد بالسن الجنس الصادق بالواحد والمتعدد ( قوله : أو سقط ) أي فإذا سقطت السن جاز ردها وربطها بشريط من ذهب أو من فضة ، وإنما جاز ردها ; لأن ميتة الآدمي طاهرة وكذا يجوز أن يرد بدلها سنا من حيوان مذكى وأما من ميتة فقولان بالجواز والمنع ، وعلى الثاني فيجب عليه قلعها عند كل صلاة ما لم يتعذر عليه قلعها وإلا فلا ( قوله : لجميع ما تقدم ) أي من قوله إلا المصحف إلى قوله وربط سن قال ابن مرزوق : ما ذكره من جواز اتخاذ الأنف وربط الأسنان بالذهب والفضة صحيح بحسب القياس لكن نصوص المذهب إنما هي في إباحة الذهب لذلك ولم يذكروا الفضة إلا ما وقع في بعض نسخ ابن الحاجب ، وقد يقال : إنما جاز ذلك في الذهب للضرورة إليه لما فيه من الخاصية وهي عدم النتن دون الفضة فيمتنع القياس مع ظهور الفارق فلا يصح من المصنف ولا من غيره إلحاق الفضة به انظر بن ( قوله : واتحد ) أي فإن تعدد منع ، ولو كان مجموع المتعدد وزن درهمين فأقل كما جزم بذلك عج قال بن وانظر ما مستنده فيه ، وقد تردد ح في ذلك فانظره ا هـ بن ( قوله : وندب جعله في اليسرى ) أي لأنه آخر الأمرين من فعله عليه الصلاة والسلام ولعل وجهه أن لبسه في اليسرى أبعد لقصد التزين وللتيامن في تناوله وكما يندب لبسه في اليسرى يندب جعل فصه للكف ; لأنه أبعد من العجب ( قوله : ولو قل ) أي هذا إذا كان الذهب مساويا للفضة بل ولو كان أقل منها كالثلث ، وقد تبع المصنف في هذا ابن بشير وهو ضعيف ( قوله : بل يكره ) كما يكره التختم بالحديد والنحاس ونحوهما وقوله [ ص: 64 ] بل يكره أي كما قاله ابن رشد والمعتمد لذلك القول المواق وعج ( قوله : بخلاف المساوي ) أي فإنه يحرم ( قوله : لا يحرم ; لأنه تابع إلخ ) أي لأن الذهب تابع للفضة وحينئذ فالتختم به مكروه




الخدمات العلمية