الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر وأسلنا له عين القطر ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير ( 12 ) يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور ( 13 ) ) .

قوله تعالى : ( ولسليمان الريح ) : يقرأ بالنصب ؛ أي وسخرنا . وبالرفع على الابتداء ، أو على أنه فاعل .

و ( غدوها شهر ) : جملة في موضع الحال من " الريح " والتقدير : مدة غدوها ، لأن الغدو مصدر وليس بزمان .

( من يعمل ) : " من " في موضع نصب ؛ أي وسخرنا له من الجن فريقا يعمل ؛ أو في موضع رفع على الابتداء أو الفاعل ؛ أي وله من الجن فريق يعمل .

[ ص: 328 ] و ( آل داود ) : أي يا آل ، أو أعني آل داود .

و ( شكرا ) : مفعول له . وقيل : هو صفة لمصدر محذوف ؛ أي عملا شكرا .

ويجوز أن يكون التقدير : اشكروا شكرا .

قال تعالى : ( فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين ( 14 ) ) .

قوله تعالى : ( منسأته ) : الأصل الهمز ؛ لأنه من نسأت الناقة وغيرها ، إذا سقتها ؛ والمنسأة : العصا التي يساق بها ، إلا أن همزتها أبدلت ألفا تخفيفا .

وقرئ في الشاذ " من سأته " بكسر التاء على أن " من " حرف جر . وقد قيل : غلط قارئها . وقال ابن جني : سميت العصا : سأة ؛ لأنها تسوء ؛ فهي فلة ، والعين محذوفة ، وفيه بعد .

قوله تعالى : ( تبينت ) : على تسمية الفاعل ، والتقدير : تبين أمر الجن .

و ( أن لو كانوا ) : في موضع رفع بدلا من " أمر " المقدر ؛ لأن المعنى تبينت الإنس جهل الجن .

ويجوز أن يكون في موضع نصب ؛ أي تبينت الجن جهلها .

ويقرأ ( تبينت ) على ترك تسمية الفاعل ، وهو على الوجه الأول بين .

قال تعالى : ( لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور ( 15 ) ) .

قوله تعالى : ( لسبأ ) : قد ذكر في النمل .

و ( مساكن ) : جمع مسكن بالفتح والكسر ؛ وهما المنزل موضع السكون ؛ ويجوز أن يكون مصدرا ؛ فيكون الواحد مفتوحا مثل المقعد والمطلع ، والمكان بالكسر .

[ ص: 329 ] و ( آية ) : اسم كان .

و ( جنتان ) : بدل منها ، أو خبر مبتدأ محذوف .

قوله تعالى : ( بلدة ) : أي هذه بلدة .

( ورب ) أي وربكم رب ، أو ولكم رب .

ويقرأ شاذا " بلدة وربا " بالنصب ، على أنه مفعول الشكر .

قال تعالى : ( فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل ( 16 ) ) .

قوله تعالى : ( أكل خمط ) : يقرأ بالتنوين ، والتقدير : أكل أكل خمط ، فحذف المضاف ؛ لأن الخمط شجر والأكل ثمرة . وقيل : التقدير : أكل ذي خمط . وقيل : هو بدل منه ، وجعل " خمط " أكلا لمجاورته إياه ، وكونه سببا له .

ويقرأ بالإضافة ، وهو ظاهر .

و ( قليل ) : نعت لأكل . ويجوز أن يكون نعتا لخمط وأثل وسدر .

قال تعالى : ( فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور ( 19 ) ) .

قوله تعالى : ( ربنا ) : يقرأ بالنصب على النداء .

و " باعد " بعد ، على لفظ الماضي .

ويقرأ : ربنا ، و " باعد " و " بعد " على الخبر .

و ( ممزق ) : مصدر ، أو مكان .

التالي السابق


الخدمات العلمية