الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا [23].

                                                                                                                                                                                                                                        هذه قراءة أهل المدينة، وقرأ الكوفيون وأبو عمرو ( ودا ) بفتح الواو، وهو اختيار أبي عبيد ، واحتج بقولهم: عبد ود، وأن الصنم اسمه ود. قال أبو جعفر : وهذا من الاحتجاجات الشاذة، والمتعارف عكس ما قال، إنما يقال: عبد ود، فإن كان من جهة التعارف فهو هذا، وإن كان من جهة الأشبه فالأشبه أن يسمى بود مشتق من الوداد وهو السهولة واللين، ومنه وددت الرجل أحببته، ووددته إذا بررته، ووددت أن ذلك الشيء لي أي تمنيت بسهولة. وتسميتهم الصنم ودا من هذا.

                                                                                                                                                                                                                                        ( ولا يغوث ويعوق ونسرا ) لم ينصرف يغوث ويعوق لشبههما الفعل المستقبل. وقرأ الأعمش (ولا يغوثا ويعوقا) بالصرف، وفي حرف عبد الله فيما روى (ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوثا ويعوقا ونسرا ) قال أبو جعفر : هذا عند الخليل وسيبويه لحن، وهو أيضا مخالف للسواد الأعظم.

                                                                                                                                                                                                                                        وزعم الفراء أن ذلك يجوز صرفه لكثرته أو كأنه نكرة، وهذا ما لا [ ص: 42 ] يحصل؛ لأنه ليس إذا كثر الشيء صرف فيه ما لا ينصرف، على أنه لا معنى لقوله: (لكثرته) في اسم صنم، ولا معنى لأن يكون نكرة ما كان مخصوصا مثل هذا، وقد زاد الكسائي على هذا فقال: العرب تصرف كل ما لا ينصرف إلا أفعل منك، قال محمد بن يزيد : هذا خطأ؛ لأنهم قد صرفوا خيرا منك وشرا منك، ومعها منك.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية