الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 492 ] بعثه صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس صاحب مدينة الإسكندرية واسمه جريج بن مينا القبطي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق : حدثني الزهري ، عن عبد الرحمن بن عبد القاري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس صاحب الإسكندرية ، فمضى بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه ، فقبل الكتاب ، وأكرم حاطبا وأحسن نزله ، وسرحه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وأهدى له مع حاطب كسوة ، وبغلة بسرجها ، وجاريتين ، إحداهما أم إبراهيم ، وأما الأخرى فوهبها رسول الله صلى الله عليه وسلم لمحمد بن قيس العبدي . رواه البيهقي .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ثم روي من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، ثنا يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ، عن أبيه ، عن جده حاطب بن أبي بلتعة ، قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس ملك الإسكندرية . قال : فجئته بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزلني في منزله وأقمت عنده ، ثم بعث إلي وقد جمع بطارقته ، وقال : إني سائلك عن كلام ، فأحب أن تفهم عني ، قال : قلت : هلم . قال : أخبرني عن صاحبك ، أليس هو نبيا ؟ قلت : بلى ، هو رسول الله . قال : فما له [ ص: 493 ] حيث كان هكذا ، لم يدع على قومه حيث أخرجوه من بلده إلى غيرها ؟ قال : فقلت : عيسى ابن مريم ، أليس تشهد أنه رسول الله ؟ قال : بلى . قلت : فما له حيث أخذه قومه ، فأرادوا أن يصلبوه ، ألا يكون دعا عليهم بأن يهلكهم الله حتى رفعه الله إلى السماء الدنيا ؟ فقال لي : أنت حكيم ، قد جاء من عند حكيم ، هذه هدايا أبعث بها معك إلى محمد ، وأرسل معك ببذرقة يبذرقونك إلى مأمنك . قال : فأهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث جوار ، منهن أم إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وواحدة وهبها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي جهم بن حذيفة العدوي ، وواحدة وهبها رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت الأنصاري ، وأرسل إليه بطرف من طرفهم . وذكر ابن إسحاق أنه أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع جوار ، إحداهن مارية أم إبراهيم ، والأخرى سيرين التي وهبها لحسان بن ثابت ، فولدت له عبد الرحمن بن حسان .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قلت : وكان في جملة الهدية غلام أسود خصي ، اسمه مأبور ، وخفان ساذجان أسودان ، وبغلة بيضاء اسمها الدلدل ، وكان مأبور هذا خصيا ، ولم يعلموا بأمره بادي الأمر ، فصار يدخل على مارية ، كما كان [ ص: 494 ] من عاداتهم ببلاد مصر ، فجعل بعض الناس يتكلم فيهما بسبب ذلك ، ولا يعلمون بحقيقة الحال ، وأنه خصي ، حتى قال بعضهم : إنه الذي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب بقتله ، فوجده خصيا فتركه ، والحديث في " صحيح مسلم " .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن إسحاق : وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سليط بن عمرو بن عبد ود ، أخا بني عامر بن لؤي ، إلى هوذة بن علي صاحب اليمامة وبعث العلاء بن الحضرمي ، إلى المنذر بن ساوى ، أخي بني عبد القيس ، صاحب البحرين ، وعمرو بن العاص إلى جيفر بن الجلندى وعمار بن الجلندى الأزديين صاحبي عمان .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية