الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 131 ] قال ( وإذا ) ( أفرخ طير في أرض رجل فهو لمن أخذه ) وكذا إذا باض فيها ( وكذا إذا تكنس فيها ظبي ) لأنه مباح سبقت يده إليه ولأنه صيد وإن كان يؤخذ بغير حيلة والصيد لمن أخذه ، وكذا البيض ; لأنه أصل الصيد ولهذا يجب الجزاء على المحرم بكسره أو شيه ، وصاحب الأرض لم يعد أرضه فصار كنصب شبكة للجفاف [ ص: 132 ] وكذا إذا دخل الصيد داره أو وقع ما نثر من السكر والدراهم في ثيابه ما لم يكفه أو كان مستعدا له ، بخلاف ما إذا عسل النحل في أرضه لأنه من أنزاله فيملكه تبعا لأرضه كالشجر النابت فيها والتراب المجتمع في أرضه بجريان الماء ، والله أعلم .

[ ص: 131 ]

التالي السابق


[ ص: 131 ] قوله ولو أفرخ طير في أرض رجل فهو لمن أخذه وكذا إذا باض فيها وكذا إذا تكنس فيها ظبي ) أي دخل كناسه والكناس بيت الظبي . وفي بعض النسخ تكسر : أي وقع فيها فتكسر ، ويحترز به عما لو كسره رجل فيها فإنه لذلك الرجل لا للآخذ ، ولا يختص بصاحب الأرض ( لأنه ) أي لأن كلا من الطير والبيض والفرخ وقد أصلح في نسخة لأنها ( مباح سبقت يده ) أي يد الآخذ إليه ( ولأنه صيد وإن كان يؤخذ بلا حيلة والصيد لمن أخذه والبيض أصل الصيد ) فيلحق به ( ولهذا يجب عنه الجزاء على المحرم بكسره أو شيه ) لأنه المقصود بقوله تعالى { تناله أيديكم } في قوله تعالى { ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم } كذا ذكر .

وقوله ( وصاحب الأرض لم يعد أرضه لذلك ) جملة حالية هي قيد لقوله فهو لمن أخذه : أي إنما يكون للآخذ إذا لم يكن صاحب الأرض أعدها لذلك بأن حفر فيها بئرا ليسقط فيها أو أعد مكانا للفراخ ليأخذها ، فإن كان أعدها لذلك لا يملكها الآخذ بل رب الأرض يصير بذلك قابضا حكما ، كمن نصب شبكة ليجففها فتعقل بها صيد فهو لمن أخذه لا لصاحب الشبكة ; لأنه لم يعدها الآن للأخذ ، وكما إذا دخل الصيد داره ولم يعلمه فأغلق بابه فهو لمن أخذه ، وإن علم به وأغلق الباب عليه أو سد الكوة كان لصاحب الدار ، وكذا إذ وقع في ثيابه النثار من السكر أو الدراهم فهو لمن أخذه ما لم يكف ثوبه على الساقط فيه ، وما هذه مصدرية نائبة عن ظرف الزمان : أي للآخذ في زمان عدم كفه الثوب .

وقوله أو كان مستعدا له : أي للنثار بأن بسط ثوبه لذلك عطف على مقدر تقديره ، فإذا كفه أو كان مستعدا فهو له ، أما إذا عسل النحل في أرضه فهو لصاحب الأرض لأنه عد من أنزاله : أي من زيادات الأرض : أي ما ينبت فيها فيملكه تبعا للأرض كالشجر النابت فيها وكالتراب والطين المجتمع فيها بجريان الماء عليها . والأنزال جمع نزل وهو الزيادة وذكر ضمير ; لأنه وهو عائد على الأرض وهي مؤنثة على تأويل المكان ، ومثله وقع في شعر العرب قال : [ ص: 132 ]

فلا مزنة ودقت ودقها ولا أرض أبقل إبقالها

ومن جنس هذه المسائل : لو اتخذ في أرضه حظيرة للسمك فدخل الماء والسمك ملكه ; ولو اتخذت لغيره ، فمن أخذ السمك فهو له ، وكذا في حفر الخفيرة إذا حفرها للصيد فهو له أو لغرض آخر فهو للآخذ ، وكذا صوف وضع على سطح بيت فابتل بالمطر فعصره رجل ، فإن كان وضعه للماء فهو لصاحبه وإلا فالماء للآخذ ، ولو باض صيد في أرض رجل أو تكسر فيها فجاء رجل ليأخذه فمنعه صاحب الأرض ، فإن كان في موضع يقدر صاحب الأرض على أخذه قريبا منه بأن كان بحضرته كان الصيد لرب الأرض كأنه أخذه عنده ، وإن لم يكن بحضرته لا يملك .




الخدمات العلمية