الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
سورة غافر :

أقول: وجه إيلاء الحواميم السبع سورة الزمر: تآخي المطالع في الافتتاح بتنزيل الكتاب، وفي مصحف أبي بن كعب أول الزمر " حم " 2، وذلك مناسبة جليلة.

ثم إن الحواميم ترتبت لاشتراكها في الافتتاح بـ " حم " ، وبذكر الكتاب بعد حم، وأنها مكية; بل ورد في الحديث أنها نزلت جملة [واحدة] 5.

وفيها شبه من ترتيب ذوات " الر " الست.

[ ص: 130 ] فانظر ثانية الحواميم وهي فصلت، كيف شابهت ثانية ذوات " الر " هود في تغيير الأسلوب في وصف الكتاب، وأن في هود: كتاب أحكمت آياته ثم فصلت "هود: 1"، وفي فصلت: كتاب فصلت آياته "فصلت: 3"، وفي سائر ذوات الر 7 تلك آيات الكتاب 1 "الحجر: 1"، وفي سائر الحواميم: تنـزيل الكتاب "غافر: 2" أو والكتاب 2 "الدخان: 2".

وروينا عن جابر بن زيد، وابن عباس في ترتيب نزول السور: أن الحواميم نزلت عقب الزمر، وأنها نزلت متتاليات كترتيبها في المصحف: المؤمن، ثم السجدة، ثم الشورى، ثم الزخرف، ثم الدخان، ثم الجاثية، ثم الأحقاف، ولم يتخللها نزول غيرها، وذلك مناسبة جلية واضحة في وضعها هكذا.

ثم ظهر لي لطيفة أخرى; وهي: أنه في كل ربع من أرباع القرآن توالت سبع سور مفتتحة بالحروف المقطعة. فهذه [السور] 5 السبع مصدرة بـ " حم " ، وسبع في الربع الذي قبله [متوالية و] 6 ذوات " الر " 7 الست متوالية، و المص الأعراف; فإنها متصلة بيونس على ما تقدمت الإشارة إليه، وافتتح أول القرآن بسورتين من ذلك، وأول النصف الثاني بسورتين.

وقال الكرماني في "العجائب"9: ترتيب الحواميم السبع لما بينها من المشاكل الذي خصت به; وهو: أن كل سورة منها استفتحت بالكتاب [ ص: 131 ] أو وصفه، مع تفاوت المقادير في الطول والقصر، وتشاكل الكلام في النظام. انتهى.

قلت:

وانظر إلى مناسبة ترتيبها; فإن مطلع غافر مناسب لمطلع الزمر، ومطلع فصلت التي هي ثانية الحواميم مناسب لمطلع هود التي هي ثانية ذوات " الر " 1، ومطلع الزخرف مؤاخ لمطلع الدخان، وكذا مطلع الجاثية لمطلع الأحقاف.

التالي السابق


الخدمات العلمية