الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          شجا

                                                          شجا : الشجو : الهم والحزن ، وقد شجاني يشجوني شجوا إذا حزنه وأشجاني ، وقيل : شجاني طربني ، وهيجني . التهذيب : شجاني تذكر إلفي أي طربني ، وهيجني . التهذيب : شجاني تذكر إلفي أي طربني ، وهيجني . وشجاه الغناء إذا هيج أحزانه وشوقه . الليث : شجاه الهم ، وفي لغة أشجاه وأنشد :


                                                          إني أتاني خبر فأشجان أن الغواة قتلوا ابن عفان



                                                          ، ويقال : بكى شجوه ، ودعت الحمامة شجوها . وأشجاني : حزنني وأغضبني . وأشجيت الرجل : أوقعته في حزن . وفي حديث عائشة [ ص: 29 ] تصف أباها رضي الله عنهما قالت : شجي النشيج ; الشجو : الحزن والنشيج : الصوت الذي يتردد في الحلق . وأشجاه : حزنه . الجوهري : أشجاه يشجيه إشجاء إذا أغصه ، تقول منهما جميعا : شجي بالكسر . وأشجاك قرنك . قهرك وغلبك حتى شجيت به شجا ; ومثله أشجاني العود في الحلق حتى شجيت به شجا ، وأشجاه العظم إذا اعترض في حلقه . والشجا : ما اعترض في حلق الإنسان والدابة من عظم أو عود أو غيرهما وأنشد :


                                                          ويراني كالشجا في حلقه     عسرا مخرجه ما ينتزع



                                                          وقد شجي به بالكسر يشجى شجا ; وقال المسيب بن زيد مناة :


                                                          لا تنكروا القتل وقد سبينا     في حلقكم عظم وقد شجينا



                                                          أراد في حلوقكم ; وقول عدي بن الرقاع :

                                                          ،

                                                          فإذا تجلجل في الفؤاد خيالها     شرق الجفون بعبرة تشجاها



                                                          يجوز أن يكون أراد تشجى بها فحذف وعدى ، ويجوز أن يكون عدى تشجى نفسها دون واسطة ، والأول أعرف . وأشجيت فلانا عني : إما غريم ، وإما رجل سألك فأعطيته شيئا أرضيته به فذهب فقد أشجيته . ويقال للغريم : شجي عني يشجى أي ذهب . وأشجاه الشيء : أغصه . ورجل شج أي حزين ، وامرأة شجية ، على فعلة ، ورجل شج . وفي مثل للعرب : ويل للشجي من الخلي وقد تشدد ياء الشجي فيما حكاه صاحب العين ; قال ابن سيده : والأول أعرف . الجوهري : قال المبرد ياء الخلي مشددة وياء الشجي مخففة قال : وقد شدد في الشعر ; وأنشد :


                                                          نام الخليون عن ليل الشجيينا     شأن السلاة سوى شأن المحبينا



                                                          قال : فإن جعلت الشجي فعيلا من شجاه الحزن فهو مشجو وشجي بالتشديد لا غير ، قال : والنسبة إلى شج شجوي ، بفتح الجيم كما فتحت ميم نمر فانقلبت الياء ألفا ، ثم قلبتها واوا ، قال ابن بري : قال أبو جعفر أحمد بن عبيد المعروف بأبي عصيدة : الصواب ويل الشجي من الخلي بتشديد الياء ، وأما الشجي بالتخفيف فهو الذي أصابه الشجا وهو الغصص ، وأما الحزين فهو الشجي بتشديد الياء قال : ولو كان المثل ويل الشجي بتخفيف الياء لكان ينبغي أن يقال من المسيغ ; لأن الإساغة ضد الشجا كما أن الفرح ضد الحزن ، قال : وقد رواه بعضهم : ويل الشجي من الخلي وهو غلط ممن رواه وصوابه الشجي بتشديد الياء وعليه قول أبي الأسود الدؤلي :


                                                          ويل الشجي من الخلي فإنه     نصب الفؤاد لشجوه مغموم



                                                          قال : ومنه قول أبي دواد :


                                                          من لعين بدمعها موليه     ولنفس مما عناها شجيه



                                                          قال ابن بري : فإذا ثبت هذا من جهة السماع وجب أن ينظر توجيهه من جهة القياس قال : ووجهه أن يكون المفعول من شجوته أشجوه ، فهو مشجو وشجي ، كما تقول : جرحته فهو مجروح وجريح ، وأما شج بالتخفيف فهو اسم الفاعل من شجي يشجى فهو شج ; قال أبو زيد : الشجي المشغول ، الخلي الفارغ . ابن السكيت : الشجي مقصور والخلي ممدود ; التهذيب : هو الذي شجي بعظم غص به حلقه . يقال : شجي يشجى شجا فهو شج كما ترى ، وكذلك الذي شجي بالهم فلم يجد مخرجا منه والذي شجي بقرنه فلم يقاومه ، وكل ذلك مقصور . قال الأزهري : وهذا هو الكلام الفصيح فإن تجامل إنسان ومد الشجي فله مخارج من جهة العربية تسوغ له مذهبه ، وهو أن تجعل الشجي بمعنى المشجو فعيلا من شجاه يشجوه ، والوجه الثاني : أن العرب تمد فعلا بياء فتقول فلان قمن لكذا ، وقمين لكذا ، وسمج ، وسميج ، وفلان كر وكري للنائم ; وأنشد ابن الأعرابي :


                                                          متى تبت ببطن واد أو تقل     تترك به مثل الكري المنجدل



                                                          ، وقال المتنخل :


                                                          وما إن صوت نائحة شجي



                                                          فشد الياء ، والكلام صوت شج ، والوجه الثالث أن العرب توازن اللفظ باللفظ ازدواجا ، كقولهم : إني لآتيه بالغدايا والعشايا ، وإنما تجمع الغداة غدوات ، فقالوا : غدايا لازدواجه بالعشايا ، ويقال له : ما ساءه وناءه ، والأصل أناءه وكذلك وازنوا الشجي بالخلي ، وقيل : معنى قولهم : ويل للشجي من الخلي : ويل للمهموم من الفارغ ، قال : وشجي إذا غص . أبو العباس في الفصيح عن الأصمعي : ويل للشجي من الخلي بتثقيل الياء فيهما ; وأنشد :


                                                          ويل الشجي من الخلي ، فإنه     نصب الفؤاد بحزنه مهموم



                                                          والشجو : الحاجة . ومفازة شجواء : صعبة المسلك مهمه . أبو عمرو بن العلاء : جمش فتى من العرب حضرية فتشاجت عليه ، فقال لها : والله ما لك ملأة الحسن ولا عموده ولا برنسه فما هذا الامتناع ؟ قال : ملأته بياضه ، وعموده طوله ، وبرنسه شعره ، تشاجت أي تمنعت وتحازنت ، فقالت : واحزنا حين يتعرض جلف لمثلي ! قال عمرو بن بحر : قلت لابن دبوقاء : أي شيء أول التشاجي ؟ قال : التباهر والقرمطة في المشي . قال : وتوصف مشية المرأة بمشية القطاة لتقارب الخطوة ; قال :


                                                          يتمشين كما تم     شي قطا أو بقرات



                                                          والشجوجى : الطويل الظهر القصير الرجل ، وقيل : هو المفرط الطول الضخم العظام ، وقيل : هو الطويل التام ، وقيل : هو الطويل الرجلين مثل الخجوجى ، وفي المحكم : يمد ويقصر . وفرس شجوجى ضخم ; عن ابن الأعرابي ; وأنشد :

                                                          [ ص: 30 ]

                                                          وكل شجوجى قص أسفل ذيله     فشمر عن نهد مراكله عبل



                                                          وريح شجوجى وشجوجاة : دائمة الهبوب . والشجوجى : العقعق ، والأنثى شجوجاة . وفي حديث الحجاج : أن رفقة ماتت بالشجي ; هو بكسر الجيم وسكون الياء منزل في طريق مكة شرفها الله تعالى .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية