الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 217 ] قال ( ومن باع دارا وكفل رجل عنه بالدرك فهو تسليم ) لأن الكفالة لو كانت مشروطة في البيع فتمامه بقبوله ، ثم بالدعوى يسعى في نقض ما تم من جهته ، وإن لم تكن مشروطة فيه فالمراد بها أحكام البيع وترغيب المشتري فيه إذ لا يرغب فيه دون الكفالة فنزل منزلة الإقرار بملك البائع . [ ص: 218 ] قال ( ولو شهد وختم ولم يكفل لم يكن تسليما وهو على دعواه ) لأن الشهادة لا تكون مشروطة في البيع ولا هي بإقرار بالملك لأن البيع مرة يوجد من المالك وتارة من غيره ، ولعله كتب الشهادة ليحفظ الحادثة بخلاف ما تقدم ، قالوا : إذا كتب في الصك باع وهو يملكه أو بيعا باتا نافذا وهو كتب شهد بذلك فهو تسليم ، إلا إذا كتب الشهادة على إقرار المتعاقدين .

التالي السابق


( قوله ومن باع دارا فكفل عنه رجل بالدرك فهو تسليم ) وقد بينا أن ضمان الدرك هو قبول الثمن عند استحقاق المبيع ، وقوله تسليم : أي تصديق من الكفيل أن المبيع ملك البائع ، فلو ادعاه لنفسه لا تسمع دعواه ، إذ لو صحت رجع المشتري بالثمن على الكفيل بحكم الكفالة فلا يفيد . وأيضا ( فالكفالة إن كانت مشروطة في البيع ) بأن باع بشرط أن يكفل له ( فتمام البيع بقبوله ) أي بقبول الكفيل ( ثم بالدعوى يسعى في نقض ما تم به ) ولهذا تبطل شفعته لو كان الكفيل شفيعا ( وإن لم يكن ) أي عقد الكفالة ( مشروطا فيه فالمراد به أحكام البيع وترغيب المشتري فيه إذ لا يرغب فيه إلا بالكفالة ) تسكينا لقلبه ( فينزل ) عقد الكفالة ( منزلة الإقرار بملك البائع ) وإلا كان تغريرا فلا يصح دعواه إياه أصلا بعد ذلك هذا إذا كفل ، فأما إذا لم يكفل ولكن شهد على البيع ثم ادعاها بعد شهادته إن كان رسم مكتوبا على الصك وفي الصك ما يفيد الاعتراف بملك البائع مثل باع فلان بن فلان جميع الدار الجارية في ملكه بيعا باتا نافذا ثم كتب بذلك أو كتب جرى ذلك فكذلك لا تسمع دعواه لها ، وإن لم يفد ذلك مثل أن يكتب في الصك باع فلان من فلان جميع الدار أو أقر بالبيع بحضرتي والشراء ثم كتب شهدت بذلك أو كتب جرى ذلك لا تمنع دعواه فيها ، فلعله كتب الشهادة ليحفظ [ ص: 218 ] الحادثة ليسعى بعد ذلك في تثبيت البينة ، وقوله ( وختم ) هو أمر كان في زمانهم إذا كتب اسمه في الصك جعل اسمه تحت رصاص مكتوب ووضع نقش خاتمه كي لا يطرقه التبديل ، وليس هذا في زماننا .




الخدمات العلمية